الأحد 31 مارس 2024 06:50 صباحاً
ثقافة وفنون
8
نُشرت الطبعة العربية الأولى من كتاب "قطر في عيون الرحالة"، لمؤلفه الدكتور علي بن غانم الهاجري، عام 2018، من قبل دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، ليصبح من أهم المراجع التي عرَّفت بقطر تاريخًا واقتصادًا؛ إذ تحدثّ الكتاب حول أهمّ المحطات التاريخية التي مرَّت بها قطر عبر العصور، منذ عصور ما قبل الميلاد إلى العصر الإسلامي، وكذلك الإنجازات التي أحرزتها تاريخيًا في الزراعة، والتجارة، والملاحة، والصناعة، وغيرها من المجالات الأخرى، بالإضافة إلى دورها الهام في الحضارة البشرية.
ويُعدُّ الكتاب أحد الدراسات النادرة التي قدّمت عرضًا شاملاً ومجملاً لتاريخ قطر وخاصة للفترة الممتدّة من عصور ما قبل الإسلام، وحتى العصر العباسي الأول، ليكون الكتاب مدخلاً حضاريًّا لتاريخ هذا البلد العريق، وليس مجرد سرد للأحداث والأسماء والأوضاع.
وسعى الكتاب إلى إبراز مشاهد التواصل الحضاري، والتلاقح الثقافي بين الإنسان القطري القديم، والمحيط الثقافي والحضاري الذي كان يعيش في كنفه، والبصمة التي ساهم من خلالها هذا البلد العريق في مسيرة المعرفة الإنسانية على مرّ الحقب والأزمان، مما يعتبر مهمًّا للغاية في معرفة العلاقات بين البلدان.
وقام الكتاب بتصحيح المعلومات المغلوطة التي تم إشاعتها حول تاريخ قطر من قبل بعض الكتاب الذين طفحت كتاباتهم بأحكام انطباعية لا تقوم على دليل ولا تستند إلى حجة ليقعوا في شراك التلفيق والتدليس للنيل من هذا البلد العظيم.
كما تكمن أهمية هذا الكتاب في كونه أول كتاب عن دولة قطر ينشر في عدد من اللغات العالمية، بما فيها اللغة الصينية، والإندونيسية، والسنهالية، والإسبانية، بالإضافة إلى ترجمتها لأهم اللغات النيجيرية والإفريقية، خصوصًا الهوساوية، واليوروباوية، والإيبوية، مما يجعل هذا الكتاب في متناول أكثر من ملياري شخص حول العالم، حيث يساهم مساهمة كبيرة في التعريف بدولة قطر في مختلف أرجاء العالم.
وتميّز الكتاب باعتماده على مصادر متنوّعة وموثّقة تشمل كتب الرحّالة والجغرافيين باعتبارهم شهود عيان على هذه الحقب التاريخية، هذا بالإضافة إلى اعتماده على تقارير خبراء الآثار والبعثات الآثارية، وكذلك البحوث التي اهتمت بالنقوش.
وقد تناول الدكتور علي بن غانم الهاجري هذا الكتاب من خلال المقدمة وأربعة فصول رئيسة والخاتمة، حيث تحدّث في الفصل الأول حول المعنى اللغوي والاصطلاحي لكلمة "قطر"، وعلاقة الكلمة بالنشاط البشري في المنطقة، وكذلك ورود تسمية قطر في المصادر التاريخية المختلفة، منها المصادر اليونانية، والمصادر المسيحية، والمصادر العربية الإسلامية، وبيان التداخل الكبير لدى المؤرخين بين قطر والبحرين.
ووقف المؤلف في الفصل الثاني على المحطّات التاريخية المختلفة لقطر عبر العصور، بدءًا بالمحطات التاريخية لقطر أثناء عصور ما قبل الميلاد، من ذلك علاقة قطر بالعراق، وبلاد الشام، والبحرين، وعمان، والحجاز، ومصر منذ ما قبل الألف الخامس قبل الميلاد، وكذلك علاقة قطر بالحضارة الآشولية في حدود القرن السادس قبل الميلاد، وأيضًا علاقتها بحضارات كلٍّ من العُبيديين والوركاء، وسلالة لجش وبلاد الرافدين والهند، وحضارة الكيشيين واليونان والرومان. كما عرَّج على المحطّات التاريخية لقطر بعد الميلاد بما فيها النزوح، والأوضاع السياسية والدينية، وكذلك المحطات التاريخية لقطر في العصر الإسلامي، وخصوصا في صدر الإسلام، حيث كانت قطر القاعدة العسكرية البحرية الأولى في الإسلام، وقاعدة الإمداد للجيش الإسلامي، وكذلك في العصر الأموي والعباسي، حيث كانت قطر رباط الإسلام، والمركز الاقتصادي.
وركّز المؤلف في الفصل الثالث على الأوضاع الاقتصادية لقطر من الزراعة، والثروة الحيوانية، والتجارة، والمنافذ البحرية، ونظام العشور، وأهم البضائع الصادرة والواردة، وكذلك الصناعة باختلاف أنواعها، وخصوصا صناعة المنسوجات، وصناعات الأسلحة والفخار، والخزف، والصناعات الزجاجية.
أما الفصل الرابع فأولى فيه المؤلف عنايةً خاصةً بالطرق التجارية لقطر، وخصوصًا بحرية قطر، وشهرتها، وموانئها، وأسطولها، وكذلك الطرق البحرية التي تربط قطر بشرق إفريقيا ومصر وبلدان غرب الخليج العربي، والعراق، واليمن، وجلفار، والكويت، وسيراف، والهند، والصين. كما تناول الطرق البرية التي تربط بين قطر وغيرها من الدول، وخصوصا طريق العراق، وعمان، واليمن، وحضرموت، وصنعاء اليمامة، وعدن، وصعدة.
كمبادره ثقافيه معرفية، شاركت أكثر من 18 جامعة عالمية من مختلف الدول في ترجمات الكتاب إلى بعض اللغات، حيث قام أكثر من قسم في هذه الجامعات بهذه الترجمات، في نشاط ثقافي، يعكس مدى أهمية الكتاب، وما يحظى به من اهتمام في الأوساط العالمية المختلفة.
وفي مسك الختام، يظهر من خلال هذه الجولة القصيرة في كتاب "قطر في عيون الرحالة"، للدكتور علي بن غانم الهاجري، صاحب عددٍ من المؤلفات التاريخية القيّمة، بأن الكتاب رغمَ صغر حجمه كثير الفوائد وغزير المعلومات، حيث استطاع في صفحات قليلة أن يعرّف بقطر تعريفًا شاملاً منذ عصور ما قبل الميلاد إلى العصر الإسلامي، مما يجعل الكتاب ضمن أهم المراجع العلمية حول قطر ومنطقة الخليج العربي بصفة عامة.
مساحة إعلانية