الثلاثاء 19 مارس 2024 09:20 صباحاً
محليات
70
جاسم بن إبراهيم المريخي.. الباحث في التراث القطري
رحل عنا في هذه الأيام المباركة برمضان الوالد خميس بن علي بن إبراهيم المريخي، أحد رجالات قطر الأوائل، الذين عاصروا مهنة الغوص على اللؤلؤ، وحياة ما قبل النفط في قطر، وُلد الوالد خميس بن علي المريخي في مدينة الخور حوالي عام 1927م، وله من الإخوة اثنان، هم الوالد إبراهيم بن علي المريخي، والوالد مقلد بن علي المريخي، رحمهما الله. وقد عرفت عائلته في قطر بالخبرة في البر، وطواشة اللؤلؤ «تجارته»، وامتلكوا سفن غوص كبيرة، منها «الصير»، و»فيلكة».
وأخوه الوالد إبراهيم أحد الرواة المعروفين في قطر، والذي وثق تاريخا مشرفا لحياة أهل قطر في سنوات الغوص على اللؤلؤ، وقد سطر ذلك في كتاب «الكنز»، الذي طبع ونشر في سنة 2013م، كما تأسس مركز تراثي يحمل اسمه.
والجد الخامس للوالد خميس؛ هو عيسى بن سالم المريخي، الذي كتب وقفًا إسلاميًا عمره ١٨٣ سنة، ولا يزال هذا الوقف قائمًا، ويوزع على أحفاده. وجده الرابع النوخذة إبراهيم بن عيسى المريخي، والذي توفي في إحدى سنوات الطبعة مع طاقمه في أواخر القرن الثامن عشر تقريبًا، وكان ذلك أثناء إبحاره في سفينته من مدينة الخور باتجاه رأس ركن، وخلفه ابنه إبراهيم بن إبراهيم، وأنجب علي بن إبراهيم المريخي، الذي تميز بشخصية قيادية. شارك الوالد خميس مع والده في رحلات الغوص على اللؤلؤ في أواخر الثلاثينيات، حيث كان والده من أكبر الغواصين، ومنظم الغاصة في جلبوت «الصير»، التي تُعد إحدى أكبر سفن مدينة الخور، وتملكها صهره وابن عمه سلطان بن خلف المريخي، كما شارك في رحلات غوص أخرى مع النوخذة راشد بن ربيعة الكواري.
ولديه من الأبناء: علي وسلطان وغانم وعبد العزيز، وعدد كبير من الأحفاد. ويشتهر بكرمه وأخلاقه الطيبة، ومحبة أهل مدينته له، فهو على خلق عظيم، حيث كان قلبه متعلقًا بالمساجد، وكان بارًّا بوالدته، كما كان يفتح مجلسه للضيوف في الستينيات من القرن العشرين؛ بعد عودته من شركة دخان كل يوم خميس.
وبعد كبر سنه، استمر مجلسه العامر للضيوف من أقاربه مفتوحًا في بيته حتى قرب وفاته، حيث مرض في عام 2002م، واستمر المرض معه حتى وفاته في أول يوم بشهر رمضان، وخلال هذه الفترة، لم يفارقه أبناؤه يومًا، وسجلوا برا للوالد تحدث عنه أهل مدينة الخور، حيث قضوا جل شبابهم في خدمته تحت نظام دقيق موزع بالساعات بينهم. وفي سنة القحط في الأربعينيات سافر الوالد خميس؛ كغيره إلى السعودية، وعمل في ميناء الخبر في قسم بضائع البواخر، حيث كان يعمل مع أخواله المريخات، لكن لم يدم عمله طويلاً وعاد إلى قطر بعد شهر واحد، ومع تحسن الأوضاع في شركات نفط دخان، وعودتها للعمل مرة أخرى في سنة 1946، التحق بالشركة، وعمل بها، ولهذا يُعتبر من قدماء العاملين فيها، حيث بدأ عمله حوالي سنة 1948، كمتدرب مع الإنجليز، ثم انتقل إلى قسم تدريب قيادة السيارات الثقيلة من نوع الكرين. كانت وظيفته نقل البضائع إلى ومن مخازن الشركة.
بعد الانتهاء من معظم الأعمال في مشروع شركات النفط في دخان في منتصف الستينيات، انتقل للعمل في شركة أم سيعيد، حيث عمل في قسم النقليات، وكانت مهمته تختلف عن السواقة في قيادة الكرين، وكان الإنجليز يعطونهم كروت الميز للمطبخ، وهي عبارة عن كروت دخول وخروج. كان الدوام يبدأ في السابعة صباحًا، وينتهي في الثانية ظهرًا، مع راحة لتناول الطعام، ثم يستمر العمل حتى الثانية ظهرًا، وكانوا يحسبون لهم أوقات عمل إضافية؛ إذا ما استمروا في العمل، وتأخروا في الدوام. وقد استمر يعمل في الشركة حتى أواخر الستينيات، حيث انتقل للعمل في وظيفة حكومية.
بعد سنوات من العمل الشاق، اعتزل الوالد خميس المريخي، وتقاعد من الشركة؛ ليقضي بعض الوقت في الراحة مع أسرته وأحبائه. وبالرغم من أنه قد وافته المنية، فإن ذكراه لا تزال حية في قلوب من عرفوه وأحبوه، فقصته مليئة بالإنجازات والتضحيات والعطاء لأجل وطنه قطر، ومدينته الخور.
مساحة إعلانية
المصدر : محليات قطر : رحيل الوالد خميس بن علي المريخي.. أحد رجالات قطر الأوائل