الثلاثاء 19 مارس 2024 07:21 صباحاً
محليات
0
❖ محمد دفع الله
ناقشت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في برنامجها الحواري «وآمنهم من خوف « مقاصد الشريعة الإسلامية وواقع المسلمين « حيث شرح العلماء المشاركون في الحوار بأسلوب سهل وميسر معاني «المقاصد الإسلامية « وبينوا مآلات من يتمسك بهذه المقاصد كما شرحوا كيف أن الرسل بينوا هذه المقاصد لأتباعهم.. وفيما يلي تنشر تفاصيل الحوار:
ما هي المقاصد الشرعية؟
أوضح فضيلة د. نور الدين الخادمي أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة في جامعة قطر، ان مقاصد الشريعة عبارة عن كلمتين في التراث الاسلامي وعلوم الشريعة تطلقان على علم من العلوم الشرعية التي تدرس حاليا في الجامعات.
واشار الى ان مقاصد الشريعة موضع بحث وتداول وبمستويات كثيرة، مبينا انها من الناحية الاصطلاحية تتكون من كلمتين مقاصد وشريعة، تطلق المقاصد منها على المصالح جلبا والمفاسد درءا، وهي غايات الشريعة الاسلامية والتي هي عبارة عن احكام ومقاصد فأحكامها الواجبات والمكروهات والمندوبات والمحرمات وكل ما جاء امرا ونهيا من الله سبحانه وتعالى وهذه الاحكام لها مقاصدها وغاياتها واسرارها وحكمها ومن هنا فمقاصد الشريعة اذن هي مصالح الشريعة.
وقال: وهذه المصالح جلبا والمفاسد درءا قد استقرت في القرآن الكريم والسنة الصحيحة واستقرت ايضا علما متبعا مدونا منذ بدايات تدوين العلم الشرعي.
واضاف: ومقاصد الشريعة ترد الى كلمتين ايضا اجماليين كبيرتين الكلمة الاولى المراد الالهي والكلمة الثانية المصلحة الانسانية، فمراد الله عز وجل هو اعلى تلك المقاصد ومراده سبحانه مراد بمستويات ثلاثة مراد في خلقه ومراد في امره ونهيه ومراد في جزائه ومآل هذا الوجود.
واكد ان مراد الخالق سبحانه وتعالى يحقق مصلحة المخلوق ومن مراد الله للإنسان الزوجية وعكس الزوجية هو خلاف مراد الله عز وجل، مستنكرا ما يدعى اليه هذه السنوات الاخيرة وهو «الجندر» وهو نوع اجتماعي ثالث ليس بالذكر وليس بالانثى وانما هو كائن غريب ضد الفطرة مصادم لمراد الله سبحانه وتعالى مفوت لمصلحة المخلوق.
وابان ان مقاصد الشريعة هي مقاصد العقيدة ابتداء باعتبار الخلق والجزاء ومقاصد الشريعة في الاثناء وفي الانتهاء هي اداء وفعل وتكليف.
ونوه بان المقاصد بعد ذلك تطورت الى علم من العلوم الشرعية وهو علم لها علاقة بعلوم شرعية اخرى كعلم اصول الفقه وعلم الفقه وكذلك علم السياسة الشرعية وعلم العقيدة وعلم التفسير وشرح الحديث وتلك العلوم الشرعية بالنهاية واحدة مردها مراد الخالق ومصلحة المخلوق ولكنها من الناحية العلمية المنهجية تأخذ مساراتها من جهة موضوعاتها واقسامها وحجيتها ومن جهة ادلتها وضوابطا واثارها.
واكد ان علم مقاصد الشريعة علم قد دون في امتنا وهو عمل وعلم تطبيق فيما يعرف بكون المقصاد الشرعية مرجعية للمسلمين فيما يقع من حوادث ونوازل فيما تصاب به الامة من تحديات واكراهات فيما هو طموحات وتطلعات.
ونوه بأن هذا هو ما عبر عنه العلماء في العصور الاخيرة بمرجعية المقاصد الشرعية، باعتبارها جزءا من حقيقة الشريعة وهي الجزء الغائي المصلحي القصدي المآلي الوسائلي.
بالعقيدة نتغلب على الابتلاءات
قال الدكتور إبراهيم الأنصاري – عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر: إن المقاصد أداة تمكن الفقيه من معرفة دلالة النص عند تعارض النصوص أو الوقائع، والمصالح والمفاسد، فيستطيع الفقيه أن يميز هذه الحالة، وقصد الشارع فيها، وأن هذا لا يقطع الجدل في قضية الاجتهاد، والذي يلتصق بعضه بالنص ويعرض عن المقاصد، وبعض اخر يلاحظ المقاصد، فتصبح الفتاوى أكثر مواءمة لحياة الناس وأكثر تعبيدا للخلق لربهم سبحانه وتعالى.
وتابع: المقاصد هي روح في الكون وفي الشريعة، وكل عمل يعمله الانسان قد يكون له قصد، وكلما بعد هذا القصد كلما ابتعد الفعل عن العبث واللاغائية، والغاية التي لا غاية بعدها هي رضا الله سبحانه وتعالى ودخول الجنة، وكل عمل لم يتصل سببه بالآخرة فهو عبث مهما بلغ.
وأكد على ضرورة تعلم الطلاب، سواء في مراحل الدراسة التأسيسية أو الجامعات، في تخصص الشريعة أو غيره من التخصصات، أن حياة المسلم غائية وليست عابثة، وأن المناهج الأخرى تؤول مهما كانت متقنة أو متطورة تؤول إلى العبث، والقرآن واضح في تقرير ذلك.
وأشار إلى أن الغايات من الخلق ومن انزال القرآن ومن السنن ومن الشريعة تشكل سلسلة مترابطة يفضي بعضها إلى بعض وتشد كل منها الأخرى، إما تهيمن عليها أو تؤدي إليها، مضيفاً: وإذا بدأنا فيها نبدأ من مقاصد الخلق، وهذه الأبحاث في كلية الشريعة في طريقها إلى النضج والاكتمال، لأن عددا من العقول يعمل عليها لسنوات طويلة، والكثير من الأساتذة منشغلون بهذا.
الواقع يقتضي الاجتهاد
أكد فضيلة الشيخ الدكتور عصام البشير، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن الفقيه هو الذي يزاوج بين علم الواجب وعلم الواقع، مبينا أن علم الواجب نص ومقصد، وعلم الواقع إدراك لحوادث وما تفضي إليه من مآلات.
وأوضح د. البشير أن واقع اليوم أو عصرنا وزماننا كان عصر الثورة الصناعية الأولى، هو الذي خفف العبء البدني عن الإنسان، ثم جاء عصر الثورة الصناعية الثانية فخفف العبء الذهني عن الإنسان، ثم جاءت هذه الثورات المتلاحقة، ثورة الاتصال وثورة المعلومات وثورة الفضاء وثورة الجينات وثورة التكنولوجيا وثورة البيولوجيا، التي جعلت العالم تتقارب خطاه في قرية كونية واحدة.
وأشار د. البشير إلى أن هذا الواقع تشابكت فيه المصالح والمبادئ، وأصبح بهذا التعقيد يقتضي نظرا فقهيا وعقلا جمعيا واسع النظر في نصوص الشريعة ومقاصدها، واسع النظر في المعرفة بعلم المنهاج الذي به تستنبط أحكام الشريعة وأدواتها، وكذلك أن يكون باسط النظر في تاريخ الأمة مرورا باجتهاداتها المختلفة، وبخطها البياني صعودا ونزولا، حتى يستطيع أن ينزل هداية الدين على هذا الواقع المتجدد.
وصف الدكتور بلال بارودي شيخ قراء طرابلس موضوع مقاصد الشريعة وواقع المسلمين اليوم بأنه موضوع هام ينبغي أن يتم طرحه في زماننا هذا الذي تتعارض فيه المصالح مع المبادئ.. وقال إنه لابد من وضع الضوابط الشرعية التي تبين أسرار الدين الإسلامي وحكمة التشريع.
وتساءل د. بلال إن كان علم الشريعة ينفك عن المقاصد الشرعية ؟ وأجاب بقوله: إن علم المقاصد هو علم الشريعة وحكمتها.
وأضاف « ينبغي أن نيسر للناس الوصول إلى علم المقاصد إذ أن المسلم يمارس علم المقاصد من غير أن يعرف أنه علم المقاصد عبر حكمة الدين وتمعنه في السنة النبوية الشريفة وعبر تطبيق أحكام الفقه...
ولفت إلى أن أنبياء الله عليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم أروا قومهم مقاصد الشريعة بلغاتهم ولفتوهم إلى أخطائهم وأرشدوهم إلى تقوى الله تعالى وإلى طريقه المستقيم..
وأكد د.بلال بارودي أن الانحراف عن فهم المقاصد الشرعية هو الذي يقود إلى الفساد فيما بين أيدي الناس.. وأشار في هذه الأثناء إلى أن إرسال الرسل المقصد منه هو وضع الحجة وتعليم الناس مآلات أفعالهم سواء كانت خيرا أو كانت شرا وضرب أمثلة عديدة وبين كيف أن العديد من الرسل بينوا لقومهم مآلات أفعالهم وما يترتب عليها.. وجدد القول أن المقاصد الإسلامية جاءت لمن يتدبر وينظر للأمور بعقل مفتوح وبصيرة..
مساحة إعلانية
المصدر : محليات قطر : علماء: تشابك المصالح العصرية يقتضي الاجتهاد الجماعي