الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 08:22 صباحاً
قبل 56 دقيقة
شنت روسيا وأوكرانيا، خلال الفترة الماضية، أكبر هجمات متبادلة بطائرات مسيّرة منذ بداية الحرب في فبراير/شباط عام 2022.
وأفادت أنباء أن أوكرانيا أطلقت ما يزيد على 80 طائرة مسيّرة على روسيا، استهدف بعضها العاصمة موسكو، كما أفادت أنباء أن روسيا أطلقت ما يزيد على 140 طائرة مسيّرة على أهداف في شتى أرجاء أوكرانيا.
ويعد استخدام الطائرات المسيّرة، كأسلحة هجومية، من بين الطرق التي أحدثت ثورة في الحرب خلال هذا الصراع.
كما أثبتت الطائرات المسيّرة، بعد دمجها في نطاق الحرب الإلكترونية والهجمات المدفعية، فعاليتها كأسلحة دفاعية، ترصد قوات العدو في ساحة المعركة.
الطائرات المسيّرة "عيون ترصد كل شيء في المعركة"
يقول فيليبس أوبراين، أستاذ دراسات الحرب في جامعة سانت أندروز في اسكتلندا، إن الطائرات المسيّرة أصبحت من السمات الرئيسية للحرب في أوكرانيا، كما أثّرت بعمق على الطريقة التي تجري بها معاركها.
ويضيف: "جعلت (الطائرات المسيّرة) ساحة المعركة أكثر وضوحا".
ويمكن لطائرات المراقبة المسيّرة رصد حركة القوات، أو رصد عمليات الاستعداد للهجوم، على خط المواجهة بالكامل وفي الوقت المناسب، وعندما ترصد هدفا، تستطيع إرسال إحداثياته إلى مركز القيادة، الذي يمكنه إصدار أمر بضربة مدفعية.
ويُطلق على هذا التسلسل، من تحديد الهدف إلى ضربه، في المصطلحات العسكرية اسم "تسلسل تحديد وتنفيذ الهجمات"، وقد تسارع بشكل كبير باستخدام الطائرات المسيّرة، وفقا لأوبراين.
ويقول: "يجري رصد كل شيء ما لم يكن مغطى بعمق. ويعني ذلك أنه لا يمكنك حشد الدبابات والدروع الأخرى للتقدم دون ضرب الطائرات المسيّرة".
وتُستخدم الطائرات المسيّرة الهجومية، إلى جانب المدفعية، في استهداف العدو، واستطاعت القوات الأوكرانية، عن طريق استخدام الطائرات المسيّرة وحدها، صد زحف مجموعات من الدبابات الروسية.
وكانت أوكرانيا قد استخدمت، في بداية الحرب، طائرة "تي بي-2 بيرقدار" التركية الصنع، وهي طائرة مسيّرة عسكرية يمكنها إسقاط قنابل وإطلاق الصواريخ.
وعلى الرغم من ذلك يتجه الطرفان على نحو متزايد إلى استخدام طائرات مسيّرة من نوع "كاميكازي" الأرخص ثمنا.
وهي غالبا طائرات مسيّرة تجارية مزودة بقنابل مثبتة بها، ويمكن التحكم فيها من مسافة عدة كيلومترات، كما باستطاعتها التحليق فوق أهدافها قبل شن الهجوم.
وتستخدم روسيا آلاف الطائرات المسيّرة الانتحارية، مثل الطائرة الإيرانية الصنع "شاهد-136"، لضرب أهداف عسكرية ومدنية في أوكرانيا. وتستخدمها بشكل متكرر في أسراب، لمحاولة التغلب على الدفاعات الجوية الأوكرانية.
المدفعية: سلاح تستخدمه الجيوش "بكثافة"
أصبحت المدفعية السلاح الأكثر استخداما على الإطلاق في حرب أوكرانيا.
ويقول المعهد الملكي للخدمات المتحدة (روسي)، وهو مؤسسة بحثية بريطانية، إن روسيا تطلق نحو 10 آلاف قذيفة يوميا، بينما تطلق أوكرانيا ما بين ألفي إلى 2500 قذيفة يوميا.
وتُستخدم المدفعية باستمرار للتحقق من تحركات قوات العدو وضرب مركباته المدرعة ودفاعاته ومراكز قيادته ومستودعات الإمدادات.
ويقول بيترو بياتاكوف، خبير المدفعية والمتخصص العسكري في معهد المدفعية: "أثناء الحرب، تكون الذخيرة مثل الماء الذي يحتاجه الناس للشرب باستمرار، أو مثل الوقود للسيارة".
وتشير بيانات إلى أن الجانبين استخدما ملايين قذائف المدفعية من الخارج، وكانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية تزود أوكرانيا بها، بينما تستوردها روسيا من كوريا الشمالية.
ويقول جوستين كرومب، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "سيبيلين" البريطانية للمحللي شؤون الدفاع، إن الدول الغربية بذلت قصارى جهودها لإمداد أوكرانيا بكل القذائف التي تحتاجها، وسلط ذلك الضوء على مشكلة في صناعاتها العسكرية.
ويضيف: "تنتج شركات الدفاع الغربية الآن أعدادا صغيرة نسبيا من الأسلحة عالية الدقة، وعلى الرغم من ذلك، ليس لديها القدرة على إنتاج الأسلحة الأساسية مثل القذائف بكميات كبيرة".
كما تستخدم روسيا وأوكرانيا مدفعية عالية الدقة، إذ تطلق أوكرانيا قذائف موجهة بالأقمار الصناعية من الغرب مثل قذائف "إكسكاليبر"، كما تطلق روسيا، قذائف "كراسنوبول" الموجهة بالليزر.
وتزود الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أوكرانيا بصواريخ "هيمارز" بعيدة المدى والموجهة بالأقمار الصناعية، وقد ساعدت هذه الصواريخ قواتها المسلحة في شن هجمات استهدفت مستودعات الذخيرة الروسية ومراكز القيادة خلف خط المواجهة.
القنابل الانزلاقية: بسيطة ومدمرة ويصعب التصدي لها
استخدمت القوات الروسية، منذ أوائل عام 2023، آلاف "القنابل الانزلاقية" بغية قصف المواقع الأوكرانية في ساحة المعركة، وضرب المناطق السكنية المدنية والبنية التحتية.
وهي قنابل "سقوط حر" تقليدية مزودة بأجنحة قابلة للطي وأنظمة ملاحة بالأقمار الصناعية.
وتستخدم روسيا القنابل الانزلاقية أكثر من غيرها، وهي قنابل يتراوح وزنها من 200 كجم إلى ثلاثة آلاف كجم أو يزيد.
ويقول جاستن برونك، خبير الحرب الجوية في معهد روسيا للدراسات الأمنية: "كانت القنابل الانزلاقية فعّالة بشكل متزايد في تفكيك المواقع المحصنة وتدمير المباني".
ويضيف إن روسيا استخدمتها على نطاق واسع لتدمير الدفاعات الأوكرانية حول بلدة أدفيفكا، ذات الأهمية الاستراتيجية في شرقي أوكرانيا، وهي بلدة استولت عليها روسيا في فبراير/شباط 2024.
ويقول برونك إن تكلفة إنتاج القنابل الانزلاقية لا تتجاوز 20 ألف دولار أو 30 ألف دولار للقنبلة الواحدة، ويمكن إطلاقها من على بُعد عشرات الأميال من أهدافها ومن الصعب إسقاطها إلا باستخدام صواريخ الدفاع الجوي الأكثر تطورا.
كما تستخدم أوكرانيا قنابل انزلاقية تزودها بها الولايات المتحدة وفرنسا، مثل سلاح المواجهة المشتركة بعيد المدى، فضلا عن صنع قنابل انزلاقية خاصة بها عن طريق ربط أجنحة بقنابل صغيرة القطر من صنع الولايات المتحدة، والتي تحمل نحو 200 كيلوجرام من المتفجرات، وعلى الرغم ذلك، لدى أوكرانيا قنابل انزلاقية أقل من روسيا.
الحرب الإلكترونية: وسيلة رخيصة لتعطيل أسلحة باهظة الثمن
استُخدمت الحرب الإلكترونية بشكل مكثف في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا مقارنة بأي وقت مضى.
ويعمل آلاف الجنود على كلا الجانبين داخل وحدات متخصصة، في مسعى لتعطيل الطائرات المسيّرة وأنظمة الاتصالات لدى الطرف الآخر، وإبعاد الصواريخ المعادية عن هدفها.
وتمتلك القوات الروسية أنظمة مثل "زيتيل"، وهي أنظمة تستطيع تعطيل جميع الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والاتصالات اللاسلكية وإشارات الهاتف المحمول عبر دائرة نصف قطرها يزيد على عشرة كيلومترات، كما تتغلب على موجات اللاسلكي التي تستخدمها من خلال إصدار نبضات ضخمة من الطاقة الكهرومغناطيسية.
وتستطيع القوات الروسية باستخدام نظام "شيبوفنيك-آيرو" إسقاط طائرة مسيّرة من مسافة 10 كيلومترات، كما يستطيع هذا النظام تحديد موقع المتحكمين في الطائرات المسيّرة، ثم إرسال الإحداثيات إلى وحدات المدفعية، كي يتمكنوا من استهدافهم بإطلاق النار عليهم.
وتقول مارينا ميرون، من قسم دراسات الحرب في "كينغز كوليدج" لندن، إن الدول الغربية ربما صُدمت عندما شاهدت مدى سهولة تعطيل أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية للصواريخ عالية التقنية مثل "هيمارس" في أوكرانيا.
وتضيف: "إنها حرب غير متكافئة. قد تمتلك قوات حلف شمال الأطلسي أسلحة متفوقة تقنيا على تلك التي تمتلكها روسيا، لكن روسيا أظهرت أنها قادرة على استخدام بعض المعدات الإلكترونية الرخيصة نسبيا لتعطيلها".
ويقول دنكان ماكروري من معهد فريمان للطيران والفضاء في "كينغز كوليدج" لندن، إن القادة العسكريين في دول حلف شمال الأطلسي بحاجة إلى تعلم الدروس من الطريقة التي تخوض بها روسيا حربها الإلكترونية في أوكرانيا.
ويضيف: "إنهم بحاجة إلى تدريب قواتهم على كيفية العمل عندما تلاحقهم الطائرات المسيّرة، وعندما يستمع العدو إلى كل إشارة لاسلكي يرسلونها".
ويقول ماكروري: "لم يعد من الممكن التعامل مع الحرب الإلكترونية باعتبارها فكرة ثانوية. بل لابد من أخذها في الاعتبار عند تطوير أساليبك القتالية وتدريبك وأنظمة الأسلحة الجديدة".
المصدر : أخبار العالم : الحرب الروسية الأوكرانية: دروس مستفادة للقيادات العسكرية