خبراء: معجم «جي بي تي» يمثل انعكاسا للهوية الثقافية واللغوية للأمة العربية

نافذة على العالم - أكد خبراء وأكاديميون أن معجم "جي بي تي" يساهم في تعزيز الهوية الثقافية واللغوية للأمة العربية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه اللغة العربية اليوم، مثل العولمة وانتشار اللغات الأجنبية.

وشددوا على أن المعجم يمثل حصنًا منيعًا يحمي اللغة من الاندثار، ويضمن بقاءها للأجيال القادمة، مشيرين إلى المعجم يمثل انعكاسا للهوية الثقافية واللغوية للأمة العربية.

جاء ذلك خلال حلقة نقاشية إعلامية نظمها مجمع اللغة العربية بالشارقة اليوم السبت، تحت عنوان "المعجم التاريخي للغة العربية.. وثيقة الأمة الحضارية"، في مقر المجمع، جمعت نخبة من الإعلاميين والباحثين لمناقشة الإنجازات والتحديات المرتبطة بالمشروع الطموح، وتم خلالها الكشف عن إطلاق مشروع معجم "جي بي تي"، الذي يمثل نقلة نوعية لإدخال اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي.

واستعرض الدكتور محمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة والمدير التنفيذي للمشروع، أهمية المعجم التاريخي للغة العربية، موضحًا أنه ليس مجرد سجل لغوي، بل هو مشروع حضاري يوثق تطور الكلمات العربية عبر العصور، مضيفا " أن المعجم هو انعكاس للهوية الثقافية واللغوية للأمة، وهو بمثابة الجسر الذي يربط بين ماضينا وحاضرنا، ويضع اللغة العربية في مكانتها اللائقة على الساحة الثقافية العالمية".

وأضاف أن المعجم التاريخي يُعد موسوعة شاملة تؤرخ تاريخ الكلمات منذ أول ظهور لها وحتى العصر الحديث، متتبعًا استخداماتها في النصوص القديمة مثل النقوش الحجرية، مرورًا بالشعر الجاهلي، وصولًا إلى القرآن الكريم والحديث النبوي، ثم النصوص الأدبية الحديثة.

وأشاد الدكتور المستغانمي بالدور المحوري للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي قدم دعمًا غير محدود للمشروع، مؤكدا أن رؤية الشيخ سلطان جعلت من الشارقة مركزًا عالميًا لدعم اللغة العربية، مما أتاح تحقيق هذا الإنجاز الحضاري الذي يعزز مكانة اللغة على مستوى العالم.

وأوضح أن الدعم الذي قدمه لم يقتصر على التمويل، بل شمل توفير بيئة عمل مثالية لفريق الباحثين، فضلًا عن إشرافه المباشر على المشروع لضمان تحقيق أهدافه بدقة واحترافية.

وأعلن الدكتور المستغانمي عن إطلاق مشروع معجم "جي بي تي"، الذي يمثل تحولًا ثوريًا في استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير اللغة العربية، موضحا أن المعجم سيوفر تجربة بحث تفاعلية فريدة، مضيفا "هذا المشروع يهدف إلى جعل اللغة العربية أكثر حضورًا في العالم الرقمي، من خلال تسهيل دراسة اللغة وجعلها في متناول الجميع".

وكشف المستغانمي عن أن المشروع في مراحله النهائية، ومن المتوقع إطلاقه رسميًا خلال العام القادم 2025، مشيرا إلى أن معجم "جي بي تي" يتميز بقدرات تفاعلية مبتكرة تسهم في تسهيل البحث اللغوي وتقديم تجربة استخدام متقدمة، ويتيح النظام للمستخدمين طرح أسئلة حول الكلمات، سواء لمعرفة معانيها أو أصولها، ويستجيب فورًا استنادًا إلى قاعدة بيانات المعجم التاريخي.

وتابع: "يوفر المعجم إمكانية تتبع تطور الكلمات عبر العصور، من خلال عرض شواهد نصية توضح كيفية استخدامها في سياقات زمنية مختلفة، كما يتيح تحليل السياق اللغوي للكلمات، مما يمنح المستخدم فهمًا أعمق لدلالاتها"، مشيرا إلى أن من أبرز ميزاته قدرته على التعلم المستمر من تفاعلات المستخدمين، مما يضمن تحسين جودة الإجابات وتقديم معلومات أكثر دقة وثراءً مع مرور الوقت.

وأضاف "أطلق مجمع اللغة العربية بالشارقة نسخة إلكترونية من المعجم التاريخي، متاحة عبر الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية، ما يتيح وصولًا سهلاً وسريعًا للمحتوى من أي مكان وفي أي وقت".

وأشار إلى أن النسخة الرقمية ليست مجرد أداة للوصول إلى المعلومات، بل هي منصة تفاعلية تساعد على استكشاف اللغة العربية بطريقة مبتكرة.

وأكد أنه لم يكن تحقيق هذا الإنجاز خاليًا من التحديات، موضحا أن العمل على المعجم تطلب تعاونًا مكثفًا بين المجامع اللغوية في مختلف الدول العربية، إضافة إلى التنسيق مع مؤسسات دولية للحصول على النصوص القديمة والمخطوطات.

وقال" إن أحد أكبر التحديات كان جمع المصادر والتحقق من صحتها، لكن بفضل الجهود المشتركة، تمكنا من تقديم محتوى موثوق وموحد، يُعد مرجعًا لا غنى عنه للباحثين والمهتمين باللغة العربية".

وأوضح الدكتور المستغانمي أن المعجم التاريخي يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في تطوير المناهج التعليمية، حيث يُمكن استخدامه كأداة فعالة لتعزيز مهارات اللغة لدى الطلاب، مصيفا:"المعجم ليس مجرد مرجع، بل هو وسيلة تعليمية تساعد على تقديم اللغة بطريقة شاملة وعميقة".

ومن جانبه تحدث بهاء الدين دنديس، خبير الدراسات والبحوث في مجمع اللغة العربية بالشارقة، عن المنهجية العلمية التي يقوم عليها إعداد المعجم التاريخي، موضحا أن المشروع يعتمد على توثيق كل كلمة عربية من حيث أول ظهور لها، مع تتبع تطورها الدلالي عبر العصور.

وقال دنديس:"المعجم التاريخي يتميز بمنهجيته العلمية الفريدة، حيث يتتبع الكلمة منذ ولادتها"، مسلطًا الضوء على تطورها الدلالي والسياقات المختلفة التي استُخدمت فيها.

وأضاف "على سبيل المثال، كلمة "الألف" تحتوي على 72، 000 ألف مفردة موثقة، بينما يغطي حرف "الميم" 120 صفحة، مما يعكس ثراء اللغة العربية وتنوعها.