الاثنين 25 مارس 2024 06:50 صباحاً
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ثقافة وفنون
38
صدرت الطبعة الأولى من كتاب «إمبراطور الشرق تشودي»، لمؤلفه الدكتور علي بن غانم الهاجري، عام 2020م، وخلّفت أصداء واسعة في الساحة المعرفية والثقافية في العالم منذ صدوره.
وتتمثل أهمية هذا الكتاب ومميزاته في أنه من الإصدارات النادرة في علم الصينيات، وخصوصًا تلك الصادرة باللغة العربية، حيث تخلو المكتبات العربية عموما من المصادر في هذا الحقل المعرفيّ المهم، مما يجعله - الكتاب - ضمن الكتب الرائدة المكتوبة باللغة العربية في هذا المجال. ويتحدث الكتاب حول البطل الصيني العظيم الذي استطاع أن يبني أكبر إمبراطورية في المشرق، بل وفي العالم في عصره، وكان صاحب أعظم وأكبر جيش عرفته البشرية منذ أوائل العصور الميلادية حتى مطلع القرن التاسع عشر، فضلاً عن امتلاكه أكبر وأقوى أسطول في التاريخ حتى بداية العصر الحديث. كما يمثِّل عهدُه عهد الإنجازات الحضارية في كافة الأصعدة، إذ تم فيه إنجاز أكبر عمل علمي وفكري متمثل في موسوعة يونغل التي تعتبر أكبر موسوعة علمية في العالم، وإنجاز أكبر قناةٍ صناعيّة في العالم، وبناء المدينة المحرمة التي لا تضاهيها أي مدينة تراثية من حيث الجمال والهندسة والتصميم والاتساع وغيرها من الإنجازات الحضارية. ويهتمُّ الكتاب بعلم الصينيات الذي يعتبر ضمن المجالات المعرفية التي تبوأت في الآونة الأخيرة مكانا عاليا في مختلف الجامعات العالمية، خصوصًا وأن الكتاب قد تناول مرحلة يمكن أن نطلق عليها «العصر الذهبي» للتاريخ الصيني، لما شهدته من إنجازات حضارية عديدة.
وتناول المؤلف القيّم في سبعة فصول رئيسة، تحدّث خلالها حول السيرة الذاتية للإمبراطور تشودي، وفصّل القول في أهم الإنجازات الحضارية التي تمّت على يده منذ توليه العرش في عام 1402 وحتى وفاته عام 1424. وأشار في الفصل الأول من الكتاب إلى الفترة المبكّرة من حياة تشودي وتولّيه لإمارة مقاطعة يان قبل أن يتوّج إمبراطورا للصين في نهاية يوليو 1399م، إثر اندلاع مواجهة عسكرية دامية استمرت لمدة ثلاث سنوات بين جيشه والجيش الإمبراطوري، حيث تمكّنت قواته من هزيمة قوات الإمبراطور، وأعلن نفسه إمبراطورًا للصين عام 1402. وتطرّق في الفصل الثاني إلى جهود الإمبراطور تشودي في تحقيق الوحدة الوطنية وبناء الدولة القومية متعددة القومية، وتنظيم الإدارة المدنية، وإقامة الهيئات لإدارة شمال وجنوب غربي الصين، والاهتمام بمناطق التبت، هذا بالإضافة إلى الإنجازات المعمارية (بناء المدينة المحرمة، وتجديد القناة الكبرى، واستكمال سور الصين العظيم)، والعلميّة (موسوعة يونغل). كما تحدث في الفصل الثالث عن جهود الإمبراطور تشودي في توحيد الصين وسنّ القوانين واللوائح لتحقيق أمن الدولة، وكذلك التحصينات العسكرية والمرابطة في الحدود، هذا بالإضافة إلى بنائه لأكبر جيش بري وبحري في تاريخ البشرية حتى بداية العصر الحديث، وجهوده في التسليح العسكري والتكتيكات العسكرية والإستراتيجيات وغيرها. وفي الفصل الرابع من الكتاب تكلم المؤلف حول عدد من الإنجازات التي تم تحقيقها في السياسة الخارجية للصين في عهد الإمبراطور تشودي، من خلال وجود أكثر من 80 بلدا ذات علاقات جيدة مع الصين، ووصول البعثات الدبلوماسية الصينية إلى غرب آسيا ووسط أفريقيا وبلدان جنوب شرق آسيا، ووسط وشمال غرب آسيا، والدول العربية، وشرق أفريقيا.
أما في الفصل الخامس فاستعرض المؤلف السياسات الزراعية والصناعية من خلال ذكره عددًا من السياسات الرامية إلى تطوير الزراعة والصناعة في عهد الإمبراطور تشودي، ومن ذلك إنشاء نظام الزراعة العسكرية، وتحسين الإنتاج الزراعي، ومراقبة المسؤولين، واستعادة الأراضي الغنية، وإصلاح شبكة الري، وإنشاء المزارع التجارية، وإحياء الأراضي البور. وفتح أبواب التجارة على السوق العالمية، من خلال الصناعات الخزفية، والأواني بالطلاء المنحوت، وصناعة السفن وصناعة الغزل الحريري وغزل القطن وغيرها. وأما في الفصل السادس فوقف على السياسات التجارية من خلال إبرازه للسياسات العامة التي وضعها الإمبراطور تشودي في مجال التجارة والتي كان لها تأثير كبير في إحداث تغييرات جذرية في مجال التجارة الداخلية والخارجية ونقلها من مستوى المحلية إلى العالمية، ومن ذلك إنشاء عدد من الأسواق الريفية بهدف تنشيط التجارة في المناطق الريفية، واتخاذ تدابير لإنعاش التجارة من خلال إرسال الحملات البحرية التجارية، مما ساهم في تنشيط التجارة الدولية والتجارة العابرة للقارات والمحيطات، بينما ركّز في الفصل السابع على إنجازات الإمبراطور تشودي في مجال التعايش العالمي، من خلال الاستدلال بدوره الكبير في التعايش الديني، والتعايش السلمي، واتباعه سياسة حسن الجوار وتهدئة الأوضاع المتوترة في جنوب شرق آسيا. هذا بالإضافة إلى الكشوفات الجغرافية للأمة الصينية، والتي شملت معظم آسيا ووصلت إلى وسط أفريقيا. تجدر الإشارة إلى أن الإمبراطور تشودي لعب دورًا بارزًا في التعايش الديني، ومثَّل حالةً نادرةً من بين الزعامات، إذ إنه رغم امتلاكه للقوة الضاربة إلا أنه لم يستخدمها للإكراه أو فرض المعتقد الذي يعتقده، بل إنه كان شخصًا معتدلاً، يتعامل مع كل الأديان باحترام نابع من إيمان بحريّة المعتقد لكل إنسان، فكان يحترم عقائد الآخرين، ويقيم علاقات طيبة مع الجميع. ولا أدلَّ على ذلك من إسناده قيادة الأسطول إلى رجل مسلم وهو تشنغ خه المعروف عنه بإسلامه.
ويتبيّن من خلال هذه الإطلالة الوجيزة حول كتاب «إمبراطور الشرق تشودي»، للدكتور علي بن غانم الهاجري، الدبلوماسي القطري، وصاحب عددٍ من المؤلفات التاريخية القيّمة، أن المؤلف استطاع بمقدرته الفائقة أن يقدِّم مادة دسمةً وغنيّةً حول الإمبراطور تشودي وأهم منجزاته الحضارية، مما يجعل الكتاب - لغزارة مادته وتنوع معلوماته - بمثابة كشكول لتاريخ الصين خلال هذه المرحلة المفصلية.
مساحة إعلانية
المصدر : أخبار قطر : كتاب يرصد مسيرة «إمبراطور الشرق تشودي»
أخبار متعلقة :