الاثنين 25 مارس 2024 06:50 صباحاً
عربي ودولي
28
رمضان في غزة جوع على جوع
❖ غزة - محمـد الرنتيسي
قالت العرب في أمثالها المحكية «صام فلان وأفطر على بصلة» في إشارة إلى أن صيامه الطويل انتهى بخيبة أمل من خلال الإفطار على البصل، الذي يرمز إلى واقع حال يؤشر على كل ما هو سلبي.
وفي حال غزة اليوم، وبعد نحو نصف العام من الحرب و»الصوم الكبير» الذي بدأ قبل حلول شهر رمضان المبارك، لا يملك أهل غزة أن يشتموا رائحة البصل على موائدهم، بل إنهم لا يجدون ما يكسرون به صيامهم، أو يفطرون عليه، حتى ولو بصلة.
ولم يمنع الشهر الفضيل الذي أوشك على الانتصاف، جيش الاحتلال المتوحش من مواصلة هجماته على قطاع غزة، فما زالت الغارات الجوية، المتزامنة مع توغل بري مستمرة، مخلفة آلاف الشهداء والجرحى، فضلاً عن الظروف الإنسانية العصيبة، فالموت والرعب يتسيدان الموقف، فيما الحزن والألم يسكنان الخيام ومراكز الإيواء.
المواطنون في غزة أوضحوا في أحاديث منفصلة، وجاءت متطابقة، ان الحرب التقليدية وما يتخللها من قصف صاروخي ومدفعي ليس لها حل، فإما الموت وإما النجاة بأعجوبة، أما حرب التجويع فالشيء المؤلم (حسب قولهم) أنه بالإمكان التغلب عليها، من خلال ابتكار الحلول لإدخال المساعدات الإغاثية، أكان ذلك جواً أو بحراً أو براً، لكن ما وصل من مساعدات حتى الآن، لم يف بالغرض أو يسد الاحتياجات، وفق تعبيرهم.
بعد معاناة كبيرة، استطاع المواطن مصطفى أبو عيطة، تأمين بضع حبات من البطاطا، وإعدادها على نار ليست فقط «هادئة» وإنما بطيئة، بسبب غياب الوقود، وندرة الحطب هذه الأيام بعد التهافت الكبير عليه، لكنه عجز عن توفير رأس من البصل احتاجه لإكمال تحضير «وليمته».
يقول أبو عيطة لـ «الشرق»: «الحرب رفعت أسعار السلع والمواد الغذائية على نطاق واسع، والأوضاع تزداد صعوبة مع مرور الوقت، وهناك الكثير من الصائمين يكملون يومهم بلا وجبة إفطار، ومع استمرار استهداف منتظري المساعدات، ومنع إدخالها كما ينبغي، فلا أحد يكترث لأوقات الإفطار أو السحور.. الصيام متواصل على مدار الساعة عند الأغلبية».
ولم يعد أهالي غزة ينتظرون رفع آذان المغرب إيذاناً بانتهاء صيام نهارهم كما جرت العادة، فالحرب غيرت ليس فقط الأوضاع الميدانية، بل انعكست كذلك على الظروف الحياتية والمعيشية، ومع استمرار تعثر المساعي السياسية التي يقوم بها الوسطاء، وفي ظل استحالة تمكن عمليات الإنزال الجوي للمساعدات من حل المعضلة، فإن مجاعة كبيرة باتت تتهدد قطاع غزة.
وفي خضم حرب التجويع، انتشرت قصص مروعة لآلاف العائلات التي لم تعد تجد في منازلها أو خيامها وجبة تفطر عليها، فبعد علف الحيوانات، لجأت عائلات للحشائش بأنواعها، بما فيها تلك التي لم يسبق لبشر أن تناولها، لكن لا مفر كما يقول مواطنون، فقد أصبحت هذه الحشائش الوجبة الوحيدة المتاحة.
«نسينا شكل الخبز، وأخذنا نبحث عن الخبيزة، وبعد نفادها توجهنا للحشائش، وسئمنا من تكرار تناولها، يجب أن تتوقف الحرب، ونعود إلى حياتنا التي كنا نظن أنها ليست طبيعية، لكننا نتحسر عليها اليوم» قال حاتم حمودة، مضيفاً والألم يعتصر قلبه: «لمن يسأل عنا، نحن لسنا بخير، ولن نكون بخير إلا بعودتنا إلى منازلنا».
مساحة إعلانية
المصدر : أخبار قطر : رمضان غزة.. صيام دون إفطار حتى على بصلة!
أخبار متعلقة :