الأربعاء 26 مارس 2025 04:30 مساءً
نافذة على العالم - شهدت الأندلس في القرن السابع الهجري اضطرابات سياسية كبيرة، كان أبرزها انهيار حكم الموحدين وصعود قوى جديدة تحاول ملء الفراغ السياسي الذي تركوه، وفي خضم هذه الفوضى، برز محمد بن يوسف بن هود، أحد أحفاد بني هود حكام سرقسطة خلال عصر ملوك الطوائف، والذى قاد ثورة ضد حكم الموحدين في الأندلس، وتمكن من السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، لكنه لم ينجح في التصدي للمد المسيحي المتصاعد، ما أدى إلى سقوط قرطبة في يد القشتاليين عام 633 هـ / 1236 م.
صعوده إلى الحكمبدأ محمد بن يوسف بن هود حركته السياسية عام 625 هـ عندما ثار في منطقة الصخيرات قرب مرسية، مستغلًا ضعف الموحدين وانقسامهم الداخلي بعد وفاة السلطان يوسف المستنصر، وسرعان ما وجد ابن هود نفسه في مواجهة مع أمراء الموحدين في الأندلس، فخاض معارك ضدهم وتمكن من دخول مرسية، حيث خلع حكم الموحدين وخطب باسم الخليفة العباسي المستنصر بالله في بغداد، في محاولة منه لكسب الشرعية.
بعد ذلك، واصل توسعاته، فاستولى على شاطبة وبلنسية بمساندة بني مردنيش، ثم بسط نفوذه على جيان وقرطبة وإشبيلية، معلنًا نفسه "أمير المسلمين"، لكن حكمه لم يكن مستقرًا، حيث واجه معارضة من بعض أمراء الأندلس، خاصة زيان بن مدافع الذي خاض ضده عدة معارك.
تحالفاته وصراعاته
لم تكن قوة محمد بن هود كافية لمواجهة المد القشتالي المتزايد بقيادة فرناندو الثالث، ملك قشتالة، الذي استغل انقسامات المسلمين في الأندلس ليحقق انتصارات متتالية، وفي محاولة منه للحفاظ على حكمه، اضطر ابن هود إلى إبرام اتفاقية مع فرناندو الثالث، تقضي بدفعه جزية يومية مقدارها ألف دينار، وهو ما اعتبره الكثيرون خضوعًا للعدو.
فى الوقت نفسه، كان عليه مواجهة منافسين من داخل الأندلس، أبرزهم محمد بن يوسف بن نصر (ابن الأحمر)، الذى بايعه أهل أرجونة ثم استولى على غرناطة لاحقًا، مما زاد من الضغوط على ابن هود، كما نشبت خلافات داخل معسكره أدت إلى خروج بعض القادة عن طاعته، مما أضعف موقفه العسكري والسياسي.
سقوط قرطبةفي عام 633 هـ / 1236 م، حاصر فرناندو الثالث مدينة قرطبة، واستغل ضعف المقاومة الإسلامية نتيجة الانقسامات بين قادتها، وعلى الرغم من أن محمد بن يوسف بن هود كان قادرًا على نجدتها، إلا أنه لم يتحرك لإنقاذ المدينة، مما أدى إلى سقوطها بعد حصار طويل، وكان ذلك بمثابة ضربة قاصمة لحكمه وللمسلمين في الأندلس عمومًا.
نهايته ومقتلهبعد تزايد الضغوط عليه، توجه محمد بن يوسف بن هود إلى وزيره أبو محمد بن عبد الله بن محمد الأموي الرميمي في المرية، حيث استقر لفترة قصيرة. لكن سرعان ما توترت علاقته بالوزير، ويُقال إن الرميمي قتله في الحمام عام 635 هـ، لينتهي بذلك حكمه وتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الأندلس تحت قيادة بني نصر، الذين أسسوا مملكة غرناطة.