نافذة على العالم

نافذة - "خرجوا من غزة لكنها لم تخرج منهم".. "الصدمة" تفترس الإسرائيليين العائدين من الحرب

الاثنين 21 أكتوبر 2024 07:48 مساءً

نافذة على العالم - تم النشر في: 

21 أكتوبر 2024, 5:38 مساءً

أرسل جندي الاحتياط الإسرائيلي إليران مزراحي، الأب لأربعة أطفال وعمره 40 عامًا، إلى غزة بعد الهجوم، الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، لكنه عاد شخصًا مختلفًا، مصابًا بالصدمة مما شهده في الحرب ضد "حماس" في القطاع، وفقًا لما ذكرته عائلته لشبكة "سي إن إن"، وبعد ستة أشهر من إرساله للقتال، كان يعاني بسبب اضطراب ما بعد الصدمة في المنزل، وقبل إعادة نشره، انتحر منهيًا حياته.

وقالت والدته، جيني مزراحي: "خرج من غزة، لكن غزة لم تخرج منه. ومات بعد ذلك بسبب ما بعد الصدمة".

وبعد أن أنهى "مزراحي" حياته، ظهرت مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي للاحتياطي، وهو يهدم المنازل والمباني في غزة ويتخذ أوضاعًا أمام الهياكل المهدمة، وظهرت بعض الصور، التي نشرت على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي التي تم إزالتها، في وثائقي أجريت معه مقابلة على القناة 13 الإسرائيلية.

وأوضحت شير، شقيقة "مزراحي"، أنها رأت الكثير من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتهم "مزراحي" بأنه قاتل، وتلعنه وترد عليه برموز تعبيرية غير لائقة.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه يقدم الرعاية لآلاف الجنود، الذين يعانون بسبب اضطراب ما بعد الصدمة أو الأمراض العقلية الناجمة عن الصدمة خلال الحرب، ومن غير الواضح عدد من أنهوا حياتهم، حيث لم تقدم قوات الدفاع الإسرائيلية رقمًا رسميًا.

وقال طبيب عسكري في قوات الدفاع الإسرائيلية، خدم أربعة أشهر في غزة لـ"سي إن إن"، متحدثًا بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المسألة: "العديد منا يخشون التجنيد مرة أخرى في حرب في لبنان. العديد منا لا يثقون بالحكومة الآن".

وحشية حرب نتنياهو

وأغلقت السلطات الإسرائيلية - باستثناءات نادرة - غزة أمام الصحفيين الأجانب ما لم يرافقهم جيش الدفاع الإسرائيلي، مما يجعل من الصعب تصوير المعاناة الكاملة للفلسطينيين أو تجارب الجنود هناك، وأخبر الجنود الإسرائيليون الذين قاتلوا في القطاع "سي إن إن" أنهم شهدوا أهوالاً لا يمكن للعالم الخارجي أن يدركها حقًا. وتقدم رواياتهم نظرة نادرة على وحشية ما يصفه النقاد بـ "حرب بنيامين نتنياهو الأبدية"، والثمن غير الملموس الذي يدفعه الجنود المشاركون.

وبالنسبة للعديد من الجنود، تعد الحرب في غزة معركة من أجل بقاء إسرائيل ويجب الفوز بها بأي وسيلة. لكن المعركة تترك أيضًا أثرًا عقليًا يظل مخفيًا إلى حد كبير بسبب الوصمة. وتوفر المقابلات مع الجنود الإسرائيليين والطبيب العسكري وعائلة "مزراحي"، الاحتياطي الذي أنهى حياته، نافذة على العبء النفسي الذي تفرضه الحرب على المجتمع الإسرائيلي.

وتحدث غاي زاكن، صديق مزراحي، علنًا عن الصدمة النفسية التي يعانيها الجنود الإسرائيليون في غزة. وفي شهادته أمام الكنيست، برلمان إسرائيل، في يونيو، قال "زاكن": "إن الجنود اضطروا في مناسبات عديدة إلى دهس فلسطينيين أموات وأحياء، بالمئات"، مضيفًا : "إنه لم يعد قادرًا على تناول اللحوم، حيث يذكره ذلك بالمشاهد المروعة التي شهدها من جرافته في غزة، ويكافح من أجل النوم ليلاً، حيث يتردد صدى صوت الانفجارات في رأسه".

العواقب الكارثية

وقُتل المدنيون في غزة بأعداد كبيرة، بما في ذلك عندما لجؤوا إلى مناطق عينها الجيش الإسرائيلي على أنها "مناطق آمنة".

ومن المرجح أن يكون الثمن النفسي في غزة هائلاً. وقد سلطت مجموعات الإغاثة والأمم المتحدة الضوء مرارًا وتكرارًا على العواقب الكارثية للحرب على الصحة العقلية للمدنيين في غزة، الكثير منهم كانوا قد تعرضوا إلى الندوب بالفعل بسبب الحصار الذي استمر 17 عامًا وحروب عديدة مع إسرائيل، وفي تقرير صدر في أغسطس، ذكرت الأمم المتحدة أن تجارب سكان غزة تتحدى التعريفات الطبية الحيوية التقليدية لاضطراب ما بعد الصدمة، نظرًا لعدم وجود 'ما بعد' في سياق غزة.

وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن 10 جنود أنهوا حياتهم بين 7 أكتوبر و11 مايو، وفقًا للبيانات العسكرية التي حصلت عليها الصحيفة.

ووجد أكثر من ثلث الجنود الذين تم سحبهم من القتال أن لديهم مشكلات صحية عقلية. وفي بيان صدر في أغسطس، وأفادت شعبة إعادة التأهيل بوزارة الدفاع الإسرائيلية، بـأن أكثر من 1000 جندي جريح جديد يتم سحبهم من القتال كل شهر للعلاج، يشكو 35 % منهم من حالتهم العقلية، مع تطور 27 %، رد فعل عقلي أو اضطراب ما بعد الصدمة"، وأضافت أنه بحلول نهاية العام، من المحتمل أن يتم قبول 14000 مقاتل جريح للعلاج، ومن المتوقع أن يواجه نحو 40 % منهم مشكلات صحية عقلية.

ووفقًا لوزارة الصحة الإسرائيلية، يموت أكثر من 500 شخص بسبب الانتحار في إسرائيل كل عام، ويحاول أكثر من 6000 آخرين الانتحار، وفي عام 2021، كان الانتحار السبب الرئيس للوفاة بين جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، وفقًا لما ذكرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، التي استشهدت ببيانات عسكرية أظهرت أن ما لا يقل عن 11 جنديًا قد أنهوا حياتهم في ذلك العام.

المصدر : نافذة - "خرجوا من غزة لكنها لم تخرج منهم".. "الصدمة" تفترس الإسرائيليين العائدين من الحرب

أخبار متعلقة :