نافذة على العالم

أخبار قطر : سباق الرئاسة الأمريكية.. «ما حكّ جلدكَ مثل ظفرك»..!

الأحد 8 سبتمبر 2024 06:54 صباحاً

نافذة على العالم - عربي ودولي

26

كيف أصبح لصوت العرب والمسلمين أهمية استثنائية؟
08 سبتمبر 2024 , 07:00ص

عضوة الكونغرس رشيدة طليب ترفع لافتة كتب عليها مجرم حرب أثناء مخاطبة نتنياهو للكونغرس

❖ واشنطن - د. وائل مرزا

إذا كنا ننظر إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية كفيلمٍ سينمائي، وهي كذلك على مدى عقود، فإن من الممكن التأكيد بسهولة أن أي دور للممثلين العرب فيه كان غائباً كلياً، أو، في أحسن الأحوال أقرب لأدوار الكومبارس، أو كما يقولون في أكثر من بلدٍ عربي: «كمالة عدد»!

كان هذا هو الحال إلى ما قبل الانتخابات السابقة التي فاز فيها الجمهوري دونالد ترامب عام 2016م. لكن الوضع بدأ في التغيير أثناء تلك الانتخابات تحديداً، ثم إن التغيير تصاعد بشكلٍ ملحوظ مع انتخابات هذا العام 2024م.

فماذا حصل؟

بدايات مشاركة العرب والمسلمين كرد فعل على انتخاب ترامب رئيساً

كان أول قرارٍ صدر عن ترامب بعد انتخابه، يتمثل في منع دخول المسافرين من الدول (الإسلامية)! فجاء هذا بمثابة صدمة لهم دفعتهم للانخراط بشكلٍ أكبر حيث أدركوا، بعد عقودٍ من التردد صدقية المثل العربي: «ما حكّ جلدكَ مثل ظفرك، فتولَّ أنت جميع أمرك»!

كانت عنصرية ترامب، وأتباعه، ضدهم مع زيادة الكراهية للأقليات بشكلٍ عام وتصاعد الإسلاموفوبيا تحديداً، مسائل لا يمكن إنكار تزايدها بعد استلام ترامب الرئاسة الأمريكية. وأدركوا معها أن تنظيم صفوفهم بات أمراً حتمياً بغرض الانخراط في العملية السياسية، وليس فقط الإقبال على الانتخابات.

لكن السياسات الخارجية كانت محط أنظارهم أيضاً. فعلى سبيل المثال، كان واضحاً انحياز ترامب الكامل والمطلق وغير المسبوق لإسرائيل. وخاصةً حين أقدمَ على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وهو أمرٌ لم تجرؤ على القيام به أي إدارةٍ سابقة، جمهوريةً كانت أو ديمقراطية.

وهكذا، استغل العرب والمسلمون فرصة الانتخابات النصفية عام 2022 والتي شهدت معها نقلةً كبيرة في الحراك السياسي العربي والإسلامي في الولايات المتحدة.

وهكذا، ترشح ما يقرب من 200 أمريكي عربي ومسلم لمناصب سياسية، بما في ذلك 51 مرشحًا تشريعيًا في الولايات عبر 23 ولاية. وفاز منهم ما لا يقل عن 100 بمقاعد في الانتخابات النصفية المحلية والولائية والفيدرالية.

ثم إن النشاط السياسي للجالية العربية والإسلامية تصاعد بشكلٍ قوي مع جود المسؤولين المنتخبين من أصل عربي ومسلم، ومع استمرار شخصيات مثل عضوتي الكونجرس رشيدة طليب وإلهان عمر في العمل كأصوات بارزة. حيث شجع نجاحهم المزيد من المرشحين في الجالية على الترشح للمناصب، والانخراط في العمل السياسي بشكلٍ عام، وعلى جميع المستويات.

أقدار الله بين الديموغرافيا والجغرافيا: دور العرب والمسلمين في انسحاب بايدن

يعيش في أمريكا قرابة أربعة ملايين مسلم يشكل العرب بين الربع والثلث منهم، هذا فضلاً عن مليون آخر من العرب، وهؤلاء إما مسيحيون أو لا يعبرون عن دينهم وعرقهم، لكن من المعروف أن غالبيتهم تنسجم في اهتماماتها السياسية، وبالتالي في خياراته الانتخابية، مع اهتمامات وخيارات الملايين الأربع.

وفيما يتعلق باتجاهات إقبال الناخبين العرب والمسلمين، أشارت التقارير، في الانتخابات النصفية لعام 2022م مثلاً، إلى تحسن في إقبال الناخبين بين الأمريكيين المسلمين، حيث تشير التقديرات إلى مشاركة حوالي 60 ٪، وهي زيادة ملحوظة عن الانتخابات السابقة. ومن المتوقع أن يتصاعد هذا الاتجاه في الانتخابات الرئاسية الحالية عام 2024م.

وبمثل هذه الإحصاءات، كانت كل التحليلات تقول إن هذه الكتلة الانتخابية لا تزال صغيرةً وغير مؤثرة، ولكنها على الأقل بدأت بدايةً جيدة.

كان هو الحال إلى ظهور أن يد الله تعمل بطريقتها الخاصة!، فقد تبين أن أعداداً كبيرة من أبناء هذه الجالية تعيش في ولايات ميتشيغان وويسكانسن وجورجيا ونيفادا وبنسلفانيا، ولكن ما أهمية هذه الحقيقة؟

أهميتها تكمن في أنه، حسب نظام الكلية الانتخابية الأمريكي الغريب، سيكون الحسم النهائي في انتخابات الرئاسة في هذه الولايات تحديداً!

فقد فاز بايدن على ترامب قبل أربع سنين بالولاية بفارق 140 ألف صوت فقط عام 2024م، وكانت هذه الأصوات أصوات الناخبين العرب والمسلمين! بينما خسرت قبل ذلك هيلاري كلينتون الولاية أمام ترامب بفارق 11 ألف صوت فقط عام 2020م.

بالمقابل، وبعد تصاعد المجازر في غزة، وموقف بايدن السلبي تجاهها، قامت الجالية، ومعها الآلاف من الشباب الأمريكي، من البيض والأقليات، المتعاطفين مع مأساة أهل غزة، بحملةٍ خلال الانتخابات التمهيدية للتصويت بشكلٍ احتجاجي على الرئيس الأمريكي، الذي كان هو أيضاً مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة الجديدة.

نجحت الحملة بشكلٍ ساحق. وأسفرت عن تصويت أكثر من 100 ألف ناخب من الديمقراطيين بصفة «غير ملتزم» في ميتشيغان وحدها. وقرابة نصف مليون أمريكي في مختلف أنحاء البلاد بنفس الطريقة!

ويعني هذا النوع من التصويت الاحتجاجي أن نواب هذه الأعداد من الأمريكيين لن يكونوا مُلزمين بالتصويت لبايدن عند ترشيحه رسمياً للرئاسة.

والحقيقة أن هذا الواقع شكل عنصراً هاماً في عملية انسحاب بايدن من سباق الرئاسة. ذلك أن السبب الأخير الحاسم لقراره ذاك جاء، كما شرحنا في الحلقة الماضية من هذه السلسلة، بعد تقديم رئيس مجلس الشيوخ وزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب استطلاعات رأي داخلية قام بها الحزب الديمقراطي للرجل، تُظهِر استحالة فوزه في الولايات الحساسة، وبالتالي حتمية خسارته الانتخابات العام في شهر نوفمير القادم. وهذه أرقام ما كان لها أن تكون على ما كانت عليه إطلاقاً لولا حملة الجالية ونتائجها.

هاريس تحاول الموازنة بين اللوبيين (الإسرائيلي) و(العربي الإسلامي)

هكذا، بأقدار الله، وربما، ببركة صمود أهل غزة.. بات ممكناً الحديث عن وجود (لوبي) للجالية العربية والإسلامية في أمريكا. قد لا يكون الشكل التنظيمي لهذه الهيئة متطوراً ومعقداً، خاصةً كما الحال مع اللوبي اليهودي في أمريكا، بمنظماته العديدة، وخاصة منظمة (إيباك) التي تُعتبر واحدةً من أقوى جماعات الضغط في الولايات المتحدة. رغم هذا، تقول الوقائع إن حجم الضغط الذي قامت به الجالية خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وما سبقها من نشاطات مساندة للطلبة الأمريكيين عند اعتصامهم في الجامعات، وما تلاها من حملات إعلانية وإعلامية ومسيرات وتظاهرات ومناسبات تعريف من كل نوعٍ مألوف في الحياة السياسية الأمريكية. أن حجم الضغط المذكور كان عنصراً رئيساً ليس فقط في انسحاب بايدن من السباق، بل وفي وضع المرشحة الجديدة، نائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس أمام استحقاقات صعبة يبدو أنها اضطرت لتقديم عدة تنازلات في مواجهتها.

تمثل الاستحقاق الأول في زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نتنياهو لواشنطن، بدعوةٍ من الحزب الجمهوري، لإلقاء كلمةٍ أمام الكونغرس بمجلسيه، مجلس الشيوخ ومجلس النواب. كان هذا (شرفاً) لا يُعطى ألا لقلائل من قادة العالم كان آخرهم منذ شهور الرئيس الأوكراني زيلينسكي.

وكانت الدعوة أساساً من الحزب الجمهوري كنوعٍ من المناكفة مع بايدن خصيصاً ومع الحزب الديمقراطي بشكلٍ عام. وجاءت بعد اتهامات عديدة صدرت عن المرشح الجمهوري ترامب وغالبية المسؤولين والساسة الجمهوريين تتهم بايدن والديمقراطيين بخذلان إسرائيل (الحليف الأوثق لأمريكا في العالم) كما يُطلق عليها في واشنطن. لكنها حصلت على كل حال رغم اعتراضٍ مبكر، وغير ناجح، من الديمقراطيين. وبالتالي فقد كان واجباً من وجهة نظر دستورية وقانونية أن ترأس جلسة خطاب نتنياهو نائبة الرئيس كامالا هاريس، باعتبارها رئيسة مجلس النواب. لكنها، وفي سابقةٍ تاريخية، لم تقم بالحضور. وإنما قاطعت الجلسة، ومعها عدد من أهم أعضاء الكونغرس الديمقراطيين. وكان عذرها، الذي يُرجح أنه كان من باب رش الملح على الجرح، أن لديها ارتباطات مُسبقة!

ثم جاء الاستحقاق الثاني عندما كانت على وشك اختيار المرشح لنائب الرئيسة في حال وصلها لمقعد الرئاسة. انحصر السباق في نهاية المطاف بين 3 مرشحين منهم جوش شابيرو، حاكم بنسلفانيا (اليهودي)، والذي كانت وراءه حملة إعلانية ودعائية ضخمة، خاصةً من أوساط اللوبي الإسرائيلي والصهيوني. والسيناتور من نيفادا مارك كيلي، وحاكم مينيسوتا توم والتز.

تصاعدت الضغوط بشكلٍ هائل على هاريس لاختيار شابيرو، لكنها في نهاية المطاف اختارت الحاكم والتز. ورغم التعليقات الكثيرة التي تنتقد الخيار، والاتهامات المباشرة وغير المباشرة لها بأن قرارها كان يدخل في (معاداة السامية)، إلا أنها أنكرت ذلك، وأصرت على أن والتز هو المرشح الأكثر مناسبةً لظروف الانتخابات.

ختاماً سنبقى نستعرض، في هذه السلسلة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، كل ما له علاقة بالعرب والمسلمين في خضم أحداث ومجريات هذه الانتخابات. لكن التركيز في هذه الحلقة كان يهدف إلى فتح ملف دورهم وتأثيرهم، وتطور هذا التأثير وذلك الدور، وشرح العوامل التي زادت من أهميتهما. وهذه صيرورة نعتقد أنها لا تزال في بدايتها، وأن حضور الجالية المتصاعد ونفوذها المتزايد سيكونان مجالاً للتفصيل والتحليل في قادم الأيام.

أخبار ذات صلة

مساحة إعلانية

المصدر : أخبار قطر : سباق الرئاسة الأمريكية.. «ما حكّ جلدكَ مثل ظفرك»..!

أخبار متعلقة :