الثلاثاء 3 سبتمبر 2024 05:51 مساءً
نافذة على العالم - محليات
32
قطر والنرويج
الدوحة - قنا
تتمتع العلاقات بين دولة قطر ومملكة النرويج بعراقة وعمق يعكسان تطورا ملحوظا في التعاون الثنائي بين البلدين، لاسيما في التعاون السياسي، الاقتصادي، والتجاري، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والمعرفة في مجالات متعددة.
وتعكس زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، إلى النرويج، والتي تعد الأولى من نوعها، التزام دولة قطر بتعزيز شراكاتها الدولية وتوسيع نطاق تعاونها مع الدول الصديقة، وتشكل خطوة مهمة في مسار توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية للدولة.
ولا شك أن مملكة النرويج نموذج جذاب بحكم كونها من الاقتصادات التي اعتمدت على النفط والغاز وتطورت بمرور السنين إلى اقتصادات متنوعة الدخل باستثمارات قوية في قطاعات مثل الصناعة والسياحة وغيرها، ساهم فيها صندوقها للاستثمارات السيادية، إذ يعد صندوق النرويج التقاعدي السيادي للاستثمار الذي تم تأسيسه في عام 1990 هو الأول عالميا بأصول مالية تبلغ نحو 1.6 تريليون دولار، بحسب التصنيفات العالمية للبنك الدولي.
كما أن النرويج تلعب دورا دوليا معروفا برعاية الوساطات وحل الأزمات الدولية المختلفة واستضافة المشاورات السياسية، وهو دور تتميز به أيضا دولة قطر بطبيعة الحال، وكثيرا ما تشهد العاصمة أوسلو عقد اتفاقيات بين دول متنازعة ومتصارعة، وهي مع ذلك، لا تتوانى عن الاصطفاف مع القضايا الإنسانية والوقوف مع الشعوب وقضاياها العادلة، وكان آخرها الاعتراف بالدولة الفلسطينية برفقة إيرلندا وإسبانيا رسميا في الـ28 من مايو 2024، وهو قرار رحبت به دولة قطر، وعدته خطوة مهمة لدعم حل الدولتين وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
ولدولة قطر علاقات متنامية مع النرويج، ففي الـ17 من يناير 2024، تسلم جلالة الملك هارالد الخامس ملك مملكة النرويج، أوراق اعتماد سعادة السيدة نادية بنت أحمد الشيبي، سفيرا فوق العادة مفوضا لدولة قطر "غير مقيم" لدى مملكة النرويج، حيث نقلت سعادة السفيرة تحيات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى جلالة ملك مملكة النرويج.
وخلال شهر أغسطس الماضي، زار سعادة الفريق الركن طيار سالم بن حمد بن عقيل النابت رئيس أركان القوات المسلحة مملكة النرويج، والتقى سعادة السيدة آنا مارية آنارود وزير الدولة لشؤون الدفاع بمملكة النرويج في العاصمة أوسلو، وسعادة الجنرال إيريك كريستوفرسن رئيس أركان الدفاع النرويجي، كل على حدة، وجرى خلال اللقاءين استعراض علاقات التعاون العسكري بين الجانبين، كما زار رئيس أركان القوات المسلحة القطرية مجموعة كونغسبرغ للفضاء والدفاع الجوي، والتقى السيد جاير هوأوي المدير التنفيذي للمجموعة.
على الجانب الاقتصادي، استضافت غرفة قطر في الـ12 من يونيو 2022، لقاء الأعمال القطري النرويجي، وترأس الجانب القطري في اللقاء السيد محمد بن طوار الكواري النائب الأول لرئيس غرفة قطر، في حين ترأس الجانب النرويجي السيد إسبن تيكسم (ESPEN TEKSUM) مدير مؤسسة "مبتكرات النرويج Innovation Norway" بمنطقة الشرق الأوسط ورئيس وفد الأعمال النرويجي.
وأشار نائب رئيس غرفة قطر إلى أن دولة قطر والنرويج ترتبطان بعلاقات تعاون وثيقة واستثمارات متبادلة في كلا البلدين، حيث بلغ حوالي 195 مليون ريال قطري خلال العام 2021، مشيرا إلى ضرورة العمل معا في القطاع الخاص بالبلدين من أجل تحفيز التبادلات التجارية.
أما المسؤول النرويجي اسبن تيكسم مدير مؤسسة "مبتكرات النرويج" بمنطقة الشرق الأوسط، فدعا أصحاب الأعمال القطريين إلى استكشاف فرص الاستثمار المتاحة في النرويج والاستثمار في عدد من القطاعات مثل الطاقة والصناعات البحرية والأمن الغذائي وغيرها، منوها إلى أن العلاقات التجارية القطرية النرويجية ممتدة لأكثر من 60 عاما، وأن هناك استثمارات مشتركة بين البلدين في قطاعات الغاز والنفط والدفاع وغيرها.
وتعود أول جولة مشاورات سياسية بين وزارتي الخارجية بدولة قطر ومملكة النرويج، إلى الـ25 من نوفمبر 2019، حيث وقعت دولة قطر ومملكة النرويج، مذكرة تفاهم لإقامة مشاورات سياسية بين وزارتي خارجية البلدين، وترأس الجانب القطري، سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي، الأمين العام لوزارة الخارجية، بينما ترأس الجانب النرويجي سعادة السيد أودون هالفورس أمين عام وزارة الخارجية.
وكان سعادة السيد توربيورن رو ايساكسن وزير التجارة والصناعة في مملكة النرويج قد زار الدوحة في الـ13 من نوفمبر 2019، برفقة قيادات من شركات نرويجية متخصصة بالطاقة، لحضور احتفالات اليوبيل الذهبي لشركة قافكو للأسمدة الكيمياوية، وذكرى مرور 50 عاما على تعاونها مع شركة يارا العالمية النرويجية.
وقال وزير التجارة والصناعة النرويجي إن استثمارات الشركات النرويجية في دولة قطر وصلت إلى 10 مليارات دولار أمريكي، معربا عن أمله أن تشهد العلاقات التجارية بين الجانبين تطورا أكبر وزيادة في حجم هذه الاستثمارات، مشيرا إلى وجود آفاق للتعاون بين الجانبين في قطاعات مثل التكنولوجيا البحرية والصناعات الدفاعية، خاصة أن الشركات النرويجية كان لها سابقة نجاح مثلما حدث مع قافكو ومجمع الألمنيوم في قطر، متوقعا أن يحدث تطور في الشراكات النرويجية القطرية مستقبلا، خاصة في قطاعي الصناعات البحرية وقطاع الطاقة.
وشهدت الزيارة احتفال أربع شركات نرويجية عملاقة مع شركة قطر للأسمدة الكيماوية قافكو بالذكرى الخمسين للعلاقة الصناعية المزدهرة بينها وبين قطر، بحضور حوالي 250 شخصية قطرية ودولية، كان من أبرز الحضور صاحب السمو الملكي الأمير هاكون ماجنوس ولي عهد مملكة النرويج، وسعادة المهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشؤون الطاقة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، والسيد توربيورن رو ايساكسن وزير التجارة والصناعة بمملكة النرويج، والسيد عبدالرحمن محمد السويدي الرئيس التنفيذي لشركة قافكو.
وتمثل قافكو أبرز الاستثمارات المشتركة بين الدولتين، بنسبة 25% من قبل شركة يارا النرويجية و75% من قبل شركة صناعات قطر، وتدير قافكو ستة مصانع متكاملة لإنتاج الأمونيا واليوريا، وتلعب دورا محوريا في سوق الأسمدة العالمية وتمثل أحد أكبر مصدري اليوريا مع قدرة إنتاجية سنوية تبلغ 3.8 مليون طن متري من الأمونيا و5.6 مليون طن متري من اليوريا.
على صعيد متصل، قال السيد سفاين تور هولسيثر الرئيس والمدير التنفيذي لشركة يارا انترناشونال، إن نصف سكان العالم يعتمدون على الأسمدة لإنتاج الطعام الذي يستهلكونه حيث تساهم قافكو في تعزيز الأمن الغذائي العالمي بشكل كبير، وتصدر منتجاتها لجميع أنحاء العالم، وأبدى التزام شركته بالعمل مع قافكو من أجل إنتاج مستدام للأسمدة المعدنية، موضحا أن شركته تعمل على تطوير أدوات الزراعة الرقمية من أجل الزراعة الدقيقة، بما يسهم في دفع الإنتاج القطري للغذاء.
من جانبها، قالت السيدة هيلد ميريت آسهايم الرئيس التنفيذي لشركة هيدرو بهذه المناسبة إنه على مدار خمسين عاما الماضية في قطر، استطاعت هيدرو المشاركة في العديد من المشاريع الصناعية ذات المستوى العالمي، كما أنها تمثل أول شريك صناعي لدولة قطر.
وأضافت أن شركتها تركز على جعل الألمنيوم جزءا من الحل لأكبر تحد يواجه هذا العصر وهو خفض استهلاك الطاقة، وانبعاث الغازات الدفيئة عند استخدامه في السيارات والنقل والبناء والتشييد والتعبئة والتغليف والتطبيقات الأخرى، حيث يمكن تجديده 100% ولا يتطلب إعادة تدويره.
وفي إطار الزيارة ذاتها، التقى سعادة السيد علي بن أحمد الكواري، وزير التجارة والصناعة بالدوحة صاحب السمو الملكي الأمير هاكون ماغنوس ولي عهد مملكة النرويج، وسعادة السيد توربيون رو ايزاكسن وزير التجارة والصناعة النرويجي، كل على حدة، وأشارت وزارة التجارة والصناعة على هامش الزيارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين دولة قطر ومملكة النرويج، بلغ حوالي 160.1 مليون ريال قطري خلال العام 2018 أي بما يعادل 43.86 مليون دولار.
وكان البلدان قد وقعا على اتفاقية بشأن تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب المالي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل، وصادقت دولة قطر في الـ10 من يناير 2010 على هذه الاتفاقية مع حكومة مملكة النرويج في العاصمة أوسلو.
وتقع مملكة النرويج، شمال القارة الأوروبية وتحتل منطقة غرب شبه الجزيرة الاسكندنافية، وتصل مساحتها الكلية إلى 385,252 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 5 ملايين نسمة، وهي إحدى أقل الدول الأوروبية كثافة سكانية، وتمتلك النرويج حدودا مع السويد وفنلندا والدنمارك وروسيا، كما أنها تمتلك سواحل عريضة تواجه المحيط الأطلسي وبحر بارنتس، وهذه السواحل هي موطن الفيورد الشهيرة.
وتمثل العاصمة أوسلو المركز الثقافي والصناعي والاقتصادي الرئيسي، ومن أهم الموانئ البحرية لمملكة النرويج، ولا تزال النرويج إحدى أكبر المساهمين ماليا في الأمم المتحدة، وتساهم في البعثات الدولية لقوات الأمم المتحدة في العديد من البلدان. وهي أحد الأعضاء المؤسسين للأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي ومجلس أوروبا ومجلس الشمال الأوروبي وهي عضو في المنطقة الاقتصادية الأوروبية ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون والتنمية.
وفي التسعينيات، أصدر البرلمان النرويجي قانونا لإنشاء صندوق التقاعد الحكومي جي بي إف جي، وكانت الخطة تهدف إلى تحويل رأس المال بصورة منتظمة من عائدات النفط الحكومية إلى الصندوق، ويعد هذا الصندوق، الذي بات يعرف بالصندوق التقاعدي للاستثمار، الأكبر عالميا، كما أن النرويج من أغنى بلدان العالم وأكثرها رعاية للضمان الاجتماعي.
والصندوق أكبر مستثمر منفرد في الأسهم حول العالم، وتتركز أكبر خمس حيازات في محفظته في قطاع التكنولوجيا على رأسها آبل، كما أنه يستثمر في أكثر من 8800 شركة في 72 دولة، وفي عام 2023، حقق صندوق الثروة السيادي النرويجي أرباحا قياسية بلغت 2.22 تريليون كرونة (213 مليار دولار) بدعم من النتائج القوية لاستثماراته في قطاع التكنولوجيا، وذلك بعد تسجيل خسارة قدرها 1.64 تريليون كرونة في 2022 وهو ما أرجعه إلى ظروف السوق غير العادية للغاية في ذلك الوقت، بحسب موقع جلوبال إس دبليو إف فيجوال كابيتالست المتخصص.
مساحة إعلانية
المصدر : أخبار قطر : العلاقات بين دولة قطر ومملكة النرويج.. شراكات متنامية وتطلعات مشتركة
أخبار متعلقة :