نافذة على العالم

أخبار قطر :  اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين 

الخميس 2 نوفمبر 2023 02:10 مساءً

تقارير وحوارات

36

02 نوفمبر 2023 , 01:13م

صحفي (صورة تعبيرية)

الدوحة - قنا

تشكل الصحافة واحدة من أخطر المهن وأكثرها جرأة وأبرزها في ساحة البحث عن الحقيقة ونقل الواقع بدون تدليس أو دعايات.

وتصطدم وظيفة الإعلام الرئيسية بعقبات كثيرة بينها التهديدات والجرائم التي قد تمس الحياة، بجانب مواجهة إشكاليات التضييق وعدم التعاون مرورا بالمنع والإغلاق وسحب الترخيص الإعلامي، وصولا إلى استغلال الأجهزة القضائية بطرق تعسفية لاستهداف الصحفيين الذي يعارضون الاستبداد والقتل والخطف والتعذيب والممارسات خارج نطاق القانون.

وعليه، يكون الوصول إلى المعلومة والإلمام بالصورة الكاملة للحدث وتداعياته على المحك، لما لها من تأثير على بيئة العمل الذي تتحرك فيه الطواقم الصحفية.

ووفقا لتقرير المدير العام لليونسكو لعام 2022 بشأن سلامة الصحفيين وخطر الإفلات من العقاب، لم تزل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي هي المنطقة التي تشهد أكبر عدد من جرائم قتل الصحفيين، ومنذ عام 1993، قتل أكثر من 1600 صحفي بسبب نقلهم الأخبار وتقديم المعلومات للجمهور، وتؤكد الأرقام أن تسعا من كل عشر جرائم يفلت مرتكبوها والقتلة والجهات التي تغطي عليهم من العقاب، وبالتالي يقود هذا التساهل إلى مزيد من عمليات القتل، فضلا عن أنه غالبا أحد أعراض تفاقم الصراع وانهيار القانون والأنظمة القضائية.

وشهد العامان الماضيان استمرار تسجيل أكبر عدد من جرائم قتل الصحفيين في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (45 حالة قتل)، وآسيا والمحيط الهادئ (38 حالة قتل) وفقا لبيانات اليونسكو، وفي الفترة 2020 - 2021 ، شكلت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي 38 بالمئة من جرائم القتل، تليها آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 32 بالمئة من الجرائم.

وتنشر منظمة /اليونسكو/ تقريرا دوليا عن مستويات سلامة الصحفيين وخطر الإفلات من العقاب، مرة كل ستة أشهر، من خلال تقارير محلية تكلف بها الدول الأعضاء الـ 39 في البرنامج الدولي لتنمية الاتصالات، ويشير آخر تقرير إلى أن /اليونسكو/ قامت بقياس معدل الإفلات من العقاب على مستوى العالم بنسبة 86 بالمئة عام 2022 مقارنة بـ 89 بالمئة في عام 2018، ويؤكد التقرير أن معدل الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين لا يزال مرتفعا بشكل غير مقبول، رغم انخفاضه بشكل مستمر بمقدار 3 بالمئة منذ عام 2018.

وفي السنتين 2020 - 2021 ، سجلت اليونسكو ما مجموعه 117 حالة قتل للصحفيين في جميع أنحاء العالم، لكن هذه السنتين بشكل عام، شهدت أقل عدد من الوفيات مقارنة بأي فترة أخرى مشمولة بالتقرير منذ نشر هذا التقرير لأول مرة في عام 2008، ويظهر عام 2021 أقل عدد سنوي من الوفيات منذ 14 عاما مع 55 حالة قتل، ومع ذلك، يسلط التقرير الضوء على ارتفاع عدد الصحفيين القتلى بإجمالي 87 صحفيا مقتولا عام 2022.

ومن هنا، يعد إنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين من أصعب التحديات في السنوات الأخيرة، ولذا تهدف الأوساط الدولية من هذه المناسبة إلى إذكاء الوعي بالتحديات الرئيسة التي يواجهها الصحفيون والإعلاميون أثناء ممارسة مهنتهم.

ومن بين أكثر الجهات، تتأثر الصحفيات بوجه خاص بالتهديدات والاعتداءات في مجال عملهن، ولا سيما تلك التي تجري عبر الإنترنت، فوفقا لورقة المناقشة التي أصدرتها /اليونسكو/ في ما يتصل بالاتجاهات العالمية في العنف ضد النساء المنخرطات في العمل الصحفي، قالت 73 بالمئة من الصحفيات اللاتي شملهن الاستطلاع، إنهن تعرضن للتهديد والترهيب والإهانة عبر الإنترنت في مسائل تتعلق بأعمالهن.

 

وتؤكد الأمم المتحدة أن حماية الصحفيين جزء أساسي ضمن خطة التنمية المستدامة لعام 2030، في بناء تحالفات دولية للحكومات والمجتمع المدني والناشطين على الميدان، وعملت على إحداث تغييرات على أرض الواقع، وتكللت الخطوات حتى الآن بإنشاء آليات أمان وطنية في 50 دولة على الأقل، وهذا بطبيعة الحال يقودنا إلى استنتاج حتمي مفاده أن أنظمة العدالة التي تحقق بقوة في جميع التهديدات بالعنف ضد الصحفيين، سترسل رسالة قوية بأن المجتمع لن يتسامح مع الهجمات ضد الصحفيين وضد الحق في حرية التعبير للجميع.

وتنص اتفاقية جنيف وبخاصة المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول الذي أقر عام 1977، على ضرورة حماية الصحفيين العاملين في بعثات مهنية محفوفة بالمخاطر في مناطق النزاع المسلحة، كما اعتمد مجلس الأمن قراره المرقم 1738 بشأن حماية الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام والمرتبطين بها في النزاعات المسلحة.

ورغم ذلك، وصل عدد الصحفيين والصحفيات المسجونين في العالم حتى أول ديسمبر 2022 إلى مستوى قياسي، قدره 533 صحفيا، بزيادة أربعين صحفيا عن العام 2021 الذي سجل بالأساس عددا تاريخيا بلغ 488، بحسب ما أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" (RSF) في حصيلتها السنوية التي أصدرتها نهاية عام 2022.

وتشهد منطقة الشرق الأوسط، ظروفا ليست باليسيرة على العمل الصحفي، وفقا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، فملفات حرية الصحافة في بعض دول المنطقة تحتاج إلى مراجعات جادة رغم كل التعهدات الحكومية باحترام حقوق الصحفيين.

غير أن أخطر الانتهاكات، ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بالتوازي مع العدوان المتواصل بالطيران الحربي، حيث يشن الاحتلال وداعموه حربا على الإعلام والمحتوى الفلسطيني على شبكات التواصل الاجتماعي، لدرجة تقييد شبه كامل للحسابات الفلسطينية، وهذا ما دفع الاتحاد الدولي للصحفيين، ليطالب في بيان على موقعه الرسمي، الصحفيين الميدانيين "باتخاذ الاحتياطات اللازمة وارتداء معدات السلامة المهنية وعدم الذهاب لتغطية الأحداث دون أن تزودهم مؤسساتهم الإعلامية بجميع معدات السلامة المهنية اللازمة لعملهم".

وبلغ عدد الصحفيين الذين استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة 35 صحفيا على الأقل، فضلا عن عشرات آخرين من الجرحى، وتكشف نقابة الصحافة الفلسطينية عن انتهاكات "خطيرة ومباشرة" منذ 7 أكتوبر الماضي، حيث وثقت تعرض نحو 50 منزلا تعود لعائلات صحفيين فلسطينيين للقصف، إضافة إلى استهداف مقرات 50 مؤسسة إعلامية.

وقال تقرير صادر في 20 يونيو الماضي، من قبل لجنة تحقيق أممية معنية بتجنب الإفلات من العقاب ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن غالبية الانتهاكات ترتكب من قبل سلطات الكيان الإسرائيلي كجزء من أهدافها لضمان احتلالها الدائم والحفاظ عليه على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

وذكر التقرير الأممي أن حكومة الكيان الإسرائيلي قيدت الحيز المدني بشكل متزايد من خلال استراتيجية نزع الشرعية عن المجتمع المدني وإسكاته، ويشمل ذلك تجريم منظمات المجتمع المدني الفلسطينية وأعضائها بتصنيفهم على أنهم "إرهابيون"، وممارسة الضغوط والتهديدات على المؤسسات التي توفر منصة لحوار المجتمع المدني، وممارسة الضغوط الكثيفة على المانحين وتنفيذ تدابير تهدف إلى قطع مصادر التمويل والدعم.

ولا نغفل في هذا السياق، جريمة قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، مراسلة /الجزيرة/ في فلسطين، في شهر مايو من العام 2022، من قبل قناص يتبع قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال تغطيتها اقتحام لمدينة جنين، وفي الذكرى الأولى لاغتيالها، أشارت تحقيقات لشبكة /الجزيرة/ الإعلامية إلى إقرار مسؤول كبير بمكتب وزير الدفاع الإسرائيلي السابق لساسة أمريكيين بالمسؤولية عن قتل شيرين، وأبلغهم بأن القتل كان خطأ، لكن الكيان الإسرائيلي لن يعلن ولن يعترف رسميا بذلك، على أن هذه النتيجة عززتها أيضا تحقيقات مستقلة عدة من مؤسسات إخبارية أمريكية، بما فيها صحيفة نيويورك تايمز، وصحيفة واشنطن بوست، ووكالة أسوشيتد برس.

مساحة إعلانية

المصدر : أخبار قطر :  اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين 

أخبار متعلقة :