لاشكّ أنَّ الإنترنت جعلَ العالم شبكة متواصلة تعمل كخلية النحل في خدمة جميع الناس حتى نجد أنّهُ شاعَ مؤخراً مفهوم الزواج عن طريق الانترنت وذلك عن طريق ما يُدعى مواقع الزواج الإلكترونية، والتي تقوم بجمع طرفين مع بعضهما لإقامة علاقة مشروعة بعد تطبيقهما لشروط التسجيل ومطابقتهما مع بعضهما، لقد انتشرَ استخدام هذه المواقع وأصبحت أكثر رواجاً في السنوات الأخيرة، فأضحى المجتمع العربي في الوقت الحالي أكثر تقبلاً لمثل هذا النوع من العلاقات، وخصوصاً بعد أن أثبتت الدراسات أنَّ 70٪ من مستخدمي هذه المواقع نجحوا في إيجاد العلاقة التي كانوا يحلموا بها طوال حياتهم.
ولكن ما الدافع للجوء ملايين المسلمين إلى هذه المواقع ولماذا لا يكتفوا بالطريقة التقليدية المعروفة عن طريق الأهل والأقارب والأصدقاء المشتركين؟!
هذا ماسنتعرف عليه في هذا المقال مع ذكر لدلائل وإحصائيات تؤكد دراستنا:
-أولاً عدم التّمكن من إيجاد الشخص المناسب في البيئة المحيطة بالفرد، فيلجأ إلى مواقع الزواج نظراً لتعدد الخيارات فيها وإتاحة الفرصة لإيجاد شريك يوافق تفكيره وعاداته وتقاليده، وبحسب دراسة نشرت في إحدى المراكز الإخبارية بلغ عدد الباحثين عن شريك حياتهم عبر الانترنت 618 مليون مستخدم شهرياً على مستوى العالم في عام 2003.
-إذا كان المسلم في غربة وسفر ،حيث تكون البيئة جديدة والتفكير مختلف حيثُ يوجد أشخاص من أديان وثقافات مختلفة، فمن الصعب إيجاد شخص يناسبه ،أمّا بوجود مواقع الزواج وخاصة الإسلامية منها ستكون الحل الأمثل لهُ حيث يختار شريك لحياته وفق مبادئه ومعتقداته الدينية على أساس الشريعة الإسلامية، فيصل عدد مستخدمي إحدى مواقع التعارف الإسلامية إلى 90 ألف مشترك أغلبهم مسلمين ومسلمات جادّين نجحوا في إيجاد شركاء حياتهم عن طريقها.
-التقدّم بالعمر دون إيجاد الشريك لأسباب مختلفة، وخصوصاً بالنسبة للمسلمات فمن الممكن أن يتسبب لهم باكتئاب ويأس وبشكل خاص مع ارتفاع نسبة العنوسة في الوطن العربي حيث ُ تصل في بعض دوله إلى 85٪ فهذا يجعلهم يتوجهون إلى مواقع الزواج والبحث عن شريك.
-الخجل وعدم معرفة كيفية الاختلاط والتواصل وإيجاد الشخص المناسب، فهؤلاء الأشخاص يكون الانترنت وسيلة مناسبة لهم حيثُ يتحدّثون براحتهم من دون خجل ومن دون قيود وحتى يتمكنوا من شرح مشكلتهم للطرف الآخر بحرية من خلف الشاشة من دون مواجهة مباشرة.
-الزواج عبر الانترنت أقل كلفة ، فمواقع الزواج معظمها مجانية مقارنةً بالنوادي والمطاعم والأماكن العامة وغيرها.
وأيضاً وفي هذا السياق وبالإضافة إلى هذه الأسباب نذكر دراسات تشجع على استخدام مواقع التعارف كوسيلة للزواج ،ومنها دراسة أجراها عالم نفس أثبتت أنّ ثلث المتزوجين في العالم تعارفوا عن طريق الإنترنت و45٪ منهم تعارفوا بالتحديد عن طريق مواقع الزواج الإلكترونية، كما أثبتت نفس الدراسة أنّ الذين تعارفوا عن طريق الإنترنت أكثرهم سعادة وأكثرهم استعداداً لحياة زوجية طويلة الأمد ونسبة حدوث الطلاق أقل لديهم فتبلغ 5.9٪ مقابل 7.6٪ لمن التقوا خارج الإنترنت، ومن جهة أخرى تظهر إحصائيات المواعدة عبر الإنترنت أنّ 20٪ من الذين تربطهم علاقات حالية وملتزمة بدؤوا من خلال الإنترنت وأنّ 7٪ من الزيجات في عام 2015 كانت بين أزواج التقوا على أحد مواقع المواعدة.
بعض تجارب المشتركين المسلمين في هذه المواقع:
-محمد 30 سنة يقول: لايوجد مجال للقاء بين الناس فالمسلمون المتدينون لا يذهبون إلى الحانات أو الأندية كما في الغرب ، فهذا مرفوض في الثقافة الإسلامية وهذا ما جعلني أستخدم موقع التعارف للبحث عن شريكة متدينة، وبالفعل بدأنا بالتحدث والتعرف ثمّ تسارعت الأحداث، فخلال ثلاثة إلى أربعة أشهر أتممنا الزواج.
-يونس 35 سنة من تونس بعد طلاقي وفشل العلاقة بسب ما رأيتهُ في زوجتي من عدم الالتزام بالمبادئ الإسلامية كنتُ على وشك الإحباط إلى أن قرّرت تجربة إحدى مواقع الزواج ،فتعرفتُ على فتاة توافق الشروط ولكن بسبب خوفي كنت مصمماً على الالتقاء والتّعرف وجهاً لوجه وبالفعل أقنعتها وكانت فرحتي كبيرة عند لقائها تشبهني كثيراً بديني وإسلامي فتمّ الاتفاق والزواج خلال سنة.
-مهى 27 سنة بسبب غربتي في الخارج لم يكن لديّ الفرصة بالتعرف لأنّ الوسط المحيط لا يشبهني مختلف تماماً عن العادات والتقاليد في بلدي، فلجأتُ إلى مواقع التعارف ووجدتُ شخصاً مناسباً ولكن كانت المشكلة تواجده في بلد آخر، بعد عدة محاولات استطاعَ نقل عمله إلى مكان تواجدي وهذا أثبت لي حبّه وجديته، فتزوّجنا والآن متفقين جداً الحمدلله.
-محمود 26 عام يقول لم يستطع إيجاد أي فتاة تناسب شخصيته، فاتّجه إلى الإنترنت محاولاً التعرف على فتيات للزواج لكن عوائق كثيرة منها الدين كانت تحول دون إتمام العلاقة إلى حين عثوره على نصفه الآخر عبر تطبيق إلكتروني خاصّ بالمسلمين.
-مرح 31 سنة بعد عدة محاولات فاشلة أقنعوني أصدقائي بالانضمام إلى إحدى مواقع الزواج لم أكن أتعامل مع الموضوع بجدّية إلى أن راسلني شخص ملفه الشخصي يشبه كثيراً ما أريد بدأنا التواصل يوم بعد يوم بدأ إعجابي يزداد به وبطريقة تفكيره أتى من بلده لزيارتي وخطبتي بالفعل كانت تجربة ناجحة وكان شخص محترم جداً والآن هو زوجي.
في الختام نرى أهمية وجود مواقع التعارف، فبرغم ماتحمله من سلبيات هناك العديد من التجارب الناجحة التي تشجّع العديد من المسلمين للجوء إلى استخدام هذه المواقع وإيجاد شريك لحياتهم من خلالها وتغيير النظرة القديمة إليها تحت هذا الكم من التطور والتقدّم، فقط يجب الانتباه وأخذ الحيطة في استخدامها للحصول على النتيجة والفائدة المرجوة منها من دون ضرر أو أذى.