هناك أشخاص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب وآخرون لا.. ما دور الجهاز العصبي؟

نافذة على العالم - من خلال مسح أدمغة مجموعة صغيرة من المرضى بشكل متكرر لمدة عام ونصف، تمكن باحثو طب وايل كورنيل من تحديد نمط مميز من التفاعلات العصبية، التي يبدو أنها تجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

نُشرت الدراسة في مجلة Nature، وتسلط الضوء على إمكانات نهج المسح العميق الجديد للمساعدة في التنبؤ بقابلية الشخص للإصابة بالاكتئاب، وغيره من الحالات العصبية والنفسية، وقد يوجه تطوير علاجات جديدة.

لقد اعتمد علماء الأعصاب منذ فترة طويلة على التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، لتحديد أنماط النشاط في المخ من خلال قياس التغيرات في تدفق الدم، وقد كانت هذه أداة لا تقدر بثمن لدراسة تنظيم المخ على المستوى الفردي.

تختلف أنماط النشاط الدماغي الفردية ليس فقط بين الأشخاص، بل وأيضا مع مرور الوقت في الشخص الواحد، وهذا يشكل مشكلة خاصة في دراسة حالات مثل الاكتئاب.

الاكتئاب

يقول الدكتور كونور ليستون، المؤلف الرئيسي للدراسة: الاكتئاب هو، بحكم التعريف، متلازمة نفسية عرضية.. ويتميز بفترات من انخفاض الحالة المزاجية ممزوجة بفترات من العافية.

ويتساءل: ما هي الآليات التي تتحكم في هذه التحولات بمرور الوقت؟.

هل تم إعدادك مسبقًا للاكتئاب؟

ولمعالجة ذلك، سجل الباحثون عددا قليلا من المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالاكتئاب، فضلًا عن مجموعة أكبر من الضوابط غير المصابة، ومسحوا أدمغتهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي عشرات المرات على مدى عدة أشهر.

كشف نهج المسح العميق أنه في غالبية المتطوعين الذين تم تشخيصهم بالاكتئاب، كانت سمة الدماغ المسماة شبكة الأهمية أكبر بنحو الضعف من تلك الموجودة في الضوابط الذين لم يعانوا من الاكتئاب السريري.

شبكة الأهمية هي مجموعة من مناطق الدماغ في القشرة الأمامية والمخطط والتي يُعتقد أنها تشارك في معالجة المكافأة، وتحديد المحفزات الأكثر استحقاقًا للاهتمام.

يقول الدكتور ليستون، وهو أيضًا طبيب نفسي في مركز نيويورك-بريسبتيريان/ويل كورنيل الطبي: "يبدو أن وجود شبكة بارزة أكبر يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب - التأثير أكبر بعشر مرات من ما نراه عادة في دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي".

وبالتعاون مع فريق كبير من المتعاونين الدوليين، قام الباحثون بتوسيع نطاق العمل للنظر في بيانات من مئات المرضى الآخرين الذين تم مسح أدمغتهم بشكل أقل تكرارًا.

وأشارت هذه البيانات إلى أن الأشخاص الذين لديهم شبكات ذات أهمية أكبر في مرحلة الطفولة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في وقت لاحق من الحياة، كما لو كانوا مهيئين مسبقًا لهذه الحالة.

وقد ربطت دراسات سابقة شبكة الأهمية بمعالجة الدماغ للمكافآت.

ويقول الدكتور تشارلز لينش، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب في قسم الطب النفسي بكلية طب وايل كورنيل والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة: "إن ارتباطها بالاكتئاب أمر منطقي إلى حد ما، لأن أحد العيوب الرئيسية في الاكتئاب هو انعدام المتعة، وهو عدم القدرة على الشعور بالمتعة والاستمتاع بالأنشطة اليومية ".

وفي حين يؤكد العلماء أن النتائج تحتاج إلى إعادة إنتاجها وتوسيع نطاقها قبل أن يتم تطبيقها مباشرة في العيادة، فقد قدم العمل بالفعل إثباتًا رئيسيًا لصحة نهج المسح العميق.

يقول الدكتور لينش: "لسنوات عديدة، افترض العديد من الباحثين أن شبكات المخ تبدو متشابهة لدى الجميع. لكن النتائج التي توصلنا إليها في هذا العمل تستند إلى مجموعة متنامية من الأبحاث التي تشير إلى وجود اختلافات جوهرية بين الأفراد".

ويضيف أن الفريق يأمل الآن في دراسة آثار علاجات الاكتئاب المختلفة على نشاط شبكات الدماغ وربما توسيع نطاق عملهم ليشمل حالات عصبية نفسية أخرى أيضًا.